وبين فعلها حائل ومانع قهري مع بقاء عزمه ونيّته أنه يفعلها إذا زال المانع ، فإنه حينئذٍ معاقب على نيّته ، ولا شكّ أن خوف الناس مانعٌ قهريّ يمكن مجامعته لبقاء النيّة المستقرّة.
نعم ، لا يبعد أن يلحق تركه لها صوناً لعرضه بتركه لها خوفاً من الله في عدم العقاب ؛ بفضل رحمة الله ، ولأنها حينئذٍ لاحقة بباب الشهوات ، فإن المانع حينئذٍ من الفعل نفسانيّ ، فلا تتحقّق معه إرادة مستقرّة ، وأعني النيّة.
ثمّ قال رحمهالله تعالى ـ : ( ويدلّ على التعميم أيضاً روايات أُخر ) (١).
أقول : لم نظفر بما يدلّ على ذلك ، بل ظفرنا من العقل والنقل والعدل على ما يدلّ على المؤاخذة بالنيّات المستقرّة كما عرفت.
ثمّ قال رحمهالله : ( فقول مَن قالَ : التعميم لا وجه له ، لا وجه له ) (٢).
أقول : قد عرفت الوجه في أن التعميم لا وجه له بالدليل ، فراجع.
ثم قال رحمهالله تعالى ـ : ( وإن عشرة أمثال الحسنة مضمونة البتّة لدلالة نصّ القرآن عليه (٣) ، وإن الله تعالى قد يضاعف لمن يشاء إلى سبعمائة ضعف ، كما جاء في بعض الأخبار (٤) ، وإلى ما لا [ يأخذه (٥) ] حساب ، كما قال تعالى ( إِنَّما يُوَفَّى الصّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ ) (٦) ) (٧).
أقول : هذا كلّه حقّ ثابت بالإجماع والنصوص من كتاب وسنّة ، وكرم الله ونعمته لا يحيط بها العادّون ، أدخلنا الله وإيّاكم في رحمته برحمته.
ثمّ قال رحمهالله : ( بقي هنا شيء ، وهو : أنه سألني بعض الأفاضل عن وجه الجمع بين
__________________
(١) المصدر نفسه.
(٢) المصدر نفسه.
(٣) هو قوله تعالى : ( مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها ) الأنعام : ١٦٠.
(٤) الكافي ٢ : ٩٣ / ٢١ ، وسائل الشيعة ١ : ٥٥ ، أبواب مقدِّمة العبادات ، ب ٦ ، ح ٢٠. بل وفي نصّ الكتاب ( مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ ) البقرة : ٢٦١.
(٥) من المصدر ، وفي المخطوط : ( يؤاخذه ).
(٦) الزمر : ١٠.
(٧) شرح أُصول الكافي ١٠ : ١٤٥ ـ ١٤٦.