ولعل الوجه فيه ان يوم الجمعة يوم مبارك
مضيق على المسلمين ، وهو يوم العمل والتعجيل ، وفيه ساعة مباركة لا يسأل الله عبد
مؤمن فيها شيئاً الا اعطاه ، وفيه يضاعف العمل ، ويغفر للعباد ، وينزل عليهم
الرحمة ، من وافق منكم يوم الجمعة فلا يشتغلن بشيء غير العبادة.
ولكن الناس لما لم يحيطوا به علماً ، وكانوا
فيه من الزاهدين ، ومنه ومن فضائله من الغافلين ، حثهم عليه وامرهم بترك جميع
اسباب المعاش في ذلك الوقت ، وقال « هو خير لكم » لان ما عندكم ينفد وما عند الله
باق ، والعاقل لا يؤثر الفاني على الباقي.
هذا والاضافة في ذكر الله للعهد ، لان
تعريفها باعتباره ، لا تقول غلام زيد الا لغلام معهود باعتبار تلك النسبة ، لا
لغلام من غلمانه ، وإلا لم يبق فرق بين النكرة والمعرفة ، والمعهود هو الصلاة ، لانه
لم يسبق غيرها.
ولذلك قال المستدل قدس سره بعد ما بلغ
الى درجة الفهم والانصاف ، وتخلى عن التعصب والاعتساف في تفسير الصافي وهو كاسمه :
فان الاسماء تنزل من السماء « فاسعوا الى ذكر الله » يعني الى الصلاة ، كما يستفاد
مما قبله ومما بعده.
ولم يقيدها بالجمعة ، ولا استدل بها على
وجوبها ، بل اكتفى بذكر نبذ من الاخبار ، كما هو دأبه في هذا التفسير ولذلك وضعه.
ثم قال : والاخبار في وجوب الجمعة اكثر
من ان تحصى .
وقد عرفت ان المراد بالصلاة في الآية هو
الظهر ، فمن ادعى ان المراد بالذكر صلاة الجمعة او خطبتها ، او هما معاً ، فعليه
الدليل ، قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين.
وبالجملة الاستدلال بالآية على وجوبها
العيني موقوف على اثبات تلك
____________