الكفّار ومتقدمهم أبو سيّارة العدواني على أتان أعور رسنها (١) ليف.
فلمّا دخلت سنة تسع من الهجرة وقرب وقت الحجّ فيها أمر الله جل جلاله رسوله صلوات الله وسلامه عليه وآله ان ينابذ (٢) المشركين ، ويظهر إعزاز الإسلام والمسلمين ، فبعث عليّا عليهالسلام لردّ أبي بكر كما رويناه.
والمسلمون من أهل مكة بين حاسد لمولانا علي عليهالسلام وبين مطالب له بقتل من قتلهم من أهلهم ، والمشركون في موسم الحج أعداء له عليهالسلام ، فتوجّه وحده لكلّهم ، فاعزّ الله جل جلاله ورسوله أمر الإسلام على يد مولانا علي عليهالسلام ، وأذلّ رقاب الكفّار والطغاة.
فلمّا دخلت سنة عشر وقرب وقت الحجّ خرج النبي صلىاللهعليهوآله لحجّة الوداع وإبلاغ ما امره الله جل جلاله بإبلاغه ، فأقام النّاس بسنن الحج والإسلام ، ونصّ فيها على مولانا علي صلوات الله عليه في عوده من الحج بغدير خم وخلافته بعده على سائر الأنام ، وتوجّه إلى المدينة ، ثم دعاه الله جلّ جلاله إلى دار السلام في ذلك العام.
يقول السيد الامام العالم العامل الفقيه العلاّمة رضي الدين ركن الإسلام جمال العارفين ، أفضل السادة أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن الطاوس :
اعلم انّ الله جلّ جلاله قد كان عالما قبل ان يتوجّه أبو بكر بسورة براءة انّه لا يصلح لتأديتها ، وانّه ينزل على نبيّه صلوات الله عليه جبرئيل ، ويأمره بإعادته أبي بكر ، وانّ أبا بكر يعزل عن ذلك المقام.
فظهر من هذا لذوي الأفهام ان قد كان مراد الله جلّ جلاله إظهار انّ أبا بكر لا يصلح لهذا الأمر الجزئي من أمور الرّئاسة ، فكيف يصلح للأمر الكلّي ، وانّه لا ينفعه اختيار صاحب [ الأمر ] (٣) لحمل الآيات معه ، فكيف ينفعه اختيار بعض أهل السقيفة
__________________
(١) الرسن : الحبل المعروف.
(٢) نابذ منابذة : خالفه وفارقه عن عداوة.
(٣) هو الظاهر.