قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

تعليقة على معالم الاصول [ ج ٦ ]

تعليقة على معالم الاصول [ ج ٦ ]

335/486
*

فالحقّ مع قطع النظر عن الروايات عدم حجّيّة الاستصحاب ، لأنّ العلم بوجود السبب أو الشرط أو المانع في وقت لا يقتضي العلم بل ولا الظنّ بوجوده في غير ذلك الوقت كما لا يخفى ، فكيف يكون الحكم المعلّق عليه ثابتا في غير ذلك الوقت. فالّذي يقتضيه النظر بدون ملاحظة الروايات : أنّه إذا علم تحقّق العلامة الوضعيّة تعلّق الحكم بالمكلّف وإذا زال ذلك العلم بطروّ الشكّ يتوقّف عن الحكم بثبوت ذلك الحكم الثابت أوّلا ، إلاّ أنّ الظاهر من الأخبار أنّه إذا علم وجود شيء فإنّه يحكم به حتّى يعلم زواله » انتهى كلامه (١).

وقوله : « إنّ الاستصحاب المختلف فيها لا يكون إلاّ في الأحكام الوضعيّة » يريد بالأحكام الوضعيّة ما عدا الأحكام الوضعيّة المبنيّة على الدوام والثابتة في أوقات معيّنة ، وضابطه الحكم الوضعي الثابت من دليله على وجه الاهمال من دون قضاء الدليل بدوامه ولا توقيته بوقت معيّن.

ومحصّل كلامه : أنّ الاستصحاب في نحو هذه الأحكام الوضعيّة أو التكليفيّة التابعة لها اللازمة لها حجّة دون غيرها من الأحكام التكليفيّة الابتدائيّة الغير التابعة لحكم وضعي ولا الأحكام الوضعيّة المبنيّة على الدوام أو التوقيت ، وهذا كما ترى يغاير التفصيل المعروف منه ، ومع ذلك فاللازم من كلامه عدم كونه تفصيلا في مسألة حجّيّة الاستصحاب مع فرض جريانه ، بل هو فيما نفاه إنكار لأصل الاستصحاب ونفي لجريانه لا أنّه نفي لحجّيته مع فرض جريانه ، فهو في الحقيقة من المطلقين لحجّية الاستصحاب القائلين بها في جميع موارد جريانه من جهة الأخبار ، إذ القائلون بحجّيته مطلقا لا يريدون بها الحجّية حتّى فيما ليس بجار فيه من الموارد ، بل معناها الحجّية مطلقا في مجاريه ، وهذا يوافق مختاره.

غاية ما هنالك أنّ بينه وبين غيره نزاعا موضوعيّا ، وهو أنّ الاستصحاب هل يجري في الأحكام التكليفيّة الابتدائيّة والأحكام الوضعيّة الثابتة على وجه الدوام أو التوقيت أو لا؟ فهو ناف لجريانه فيها لا أنّه ناف لحجّيته على تقدير جريانه.

وربّما تهافت كلماته من حيث إنّه ادّعى حجّيّة الاستصحاب في الأحكام الوضعيّة ، ومعناه كون المستصحب حيثما يجري نفس الحكم الوضعي ، ومثّل له بما يقضي بكون المستصحب موضوع الحكم الوضعي وهو النجاسة في الماء المتغيّر والطهارة في المتيمّم ، ضرورة أنّ الحكم الوضعي فيهما كون النجاسة سببا لوجوب الاجتناب وكون الطهارة

__________________

(١) الوافية : ٢٠٣ ، ٢٠٠.