واحترز به عن أس (١) الحائط ، فإنه وإن كان غررا ، إلا أنه لما شقّ الاطلاع عليه ، اكتفي فيه بالتبعية. ولأنه قد تصح الجهالة تبعا وإن لم تصح أصلا. ولأن العقد يحتاج إلى مورد يتأثر به في الحال ، كما في النكاح ، ولا تأثير هنا في الحال ، وخصوصا إذا قيل بالصحّة حين التعيين ، فيكون في معنى تعليق العقد ، وأنه باطل.
فان قلت : العتاق والطلاق يصحان مع الإبهام ، فلم لا يصح هنا؟
قلت : لأن فيهما معنى الفك والحل ، وتفويض التعيين إلى المباشر لا يلزم منه تنازع ، بخلاف صورة النزاع. ولأن الغرض في البيع الانتفاع بالمبيع عقيب العقد ، وهو غير ممكن هنا ، لتوقفه على التخيير.
وأيضا : فإن الشرع بعث لتتميم مكارم الأخلاق ، ومحاسن الخصال ، والعقلاء يختارون ثمَّ يعقدون غالبا.
واستنبط الشيخ رحمهالله في الخلاف (٢) من مسألة : بائع العبد ، فيدفع عبدين للتخيير ، جواز بيع عبد من عبدين. وهو بعيد ، أصالة ومأخذا ، أما أصالة فلما قلناه (٣) ، وأما مأخذا ، فلأنه لا تلازم بين انحصار الحق بعد البيع في عبدين وبين صحة إيراد العقد على عبد من عبدين.
قاعدة ـ ٢٤٠
يشترط كون المبيع مما يتموّل ، فلا يصح العقد على ما لا يتمول ، لعدم الانتفاع به ، كحبة دخن ، وكالخشار (٤) ، لأن بذل المال في
__________________
(١) الأس : أصل البناء ، وكل مبتدأ شيء.
(٢) ١ ـ ١٩٨.
(٣) وهو ما ذكره قبل قليل من الوجوه.
(٤) الخشارة : ما يبقى على المائدة مما لا خير فيه. وكذلك الرديء من كل شيء. انظر : الجوهري ـ الصحاح : ٢ ـ ٦٤٥ ، مادة (خشر).