وعليه شيخنا البهائي في زبدته حيث منع التوقّف من الطرفين في دفع شبهة الكعبي ، واستدلال القائلين بكون الأمر مقتضيا للنهي بقاعدة المقدّمية.
فقال في الأوّل : « إنّ استدلال الكعبي على وجوبه ـ يعني المباح ـ بأنّ ترك الحرام لا يتمّ إلاّ به أو هو هو ، مع مصادمته للإجماع مدخول [ لا ] لعدم التعيين لثبوت مطلبه بالتخيير ، ولا للزوم وجوب المحرّم لالتزامه باعتبارين ، ولا لمنع وجوب غير الشرعيّة لثبوته كما مرّ ، بل لعدم كون المباح مقدّمة لترك الحرام ولا فردا منه ، إذ هو الكفّ عنه والمباح كاخوته الثلاثة مقارنات لا غير ».
وقال في الثاني : وفيهما كلام ، يعني في الاستدلال بتوقّف الواجب على تركه فيجب ، واستلزام فعله ترك الواجب فتحرم.
هذا على ما في المتن وشرحه في الحاشية بقوله : « يقال على الأوّل : إنّ المراد بمقدّمة الواجب ما يكون وسيلة ووصلة إلى فعله كقطع المسافة في الحجّ ولا نسلّم أنّ ترك أحد الضدّين وسيلة إلى فعل الآخر ، بل هو لازم ومقارن له كما هو مذكور في دفع شبهة الكعبي » إلى آخر ما ذكره ، ووافقه من شرّاحه صاحب الكواكب.
ويظهر ذلك عن العلاّمة في التهذيب حيث قال ـ بعد ما ذهب إلى النهي في الضدّ العامّ ـ : « وأمّا الضدّ الوجودي فلازم بالعرض ».
وعلّله بعض محشّيه : بأنّ المنافاة الحقيقيّة بين الشيء وعدمه ، وباعتبار أنّ عدم الشيء يتحقّق مع ضدّه يكون منافيا لذلك الشيء بالعرض ، فالنهي لازم باعتبار منع الاخلال بالمأمور به بالذات وباعتبار الضدّ الوجودي بالعرض ... إلى آخره.
وسيأتي في كلام أهل المعقول ما يفسّر هذا الكلام ، ونفي المقدّمية عن ترك الضدّ لازم لكلّ من قال في بحث المقدّمة بوجوبها وهنا بمنع اقتضاء الأمر للنهي كما لا يخفى ، وهذا هو الحقّ عندي.
ومن المحقّقين من فصّل فجعل ارتفاع الضدّ شرطا دون عدمه الأزلي.
وتحقيق المقام : مبنيّ على النظر في أنّ الضدّين هل يتحقّق بينهما تمانع في الوجود الخارجي ، بمعنى كون وجود كلّ مانعا عن وجود الآخر وعدمه ، فعلى الأوّل يثبت مقدّمية الترك ، بضابطة : أنّ عدم المانع مقدّمة بخلافه على الثاني.
وقد وقع فيه خلاف ، فالقائلون بعدم المقدّمية على الثاني وهو الحقّ ، كما أنّ القائلين