وأوصيائهم ، ونيّة إيذائهم ونيّة هدم الكعبة وغيرها من المساجد ، وشاهد الجمع ما ورد في تفسير قوله تعالى : ( فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللهِ )(١).
ثمّ إنّه لا يذهب عليك أنّ قصد المعصية ليس كقصد الطاعة الّذي يكتسب به الطاعة المنويّة كقصد الصلاة الّذي يكتب صلاة على ما يستفاد من الأخبار ، بل هو بنفسه معصية لا أنّه يكتب به المعصية المنويّة ، فنيّة الزنا مثلا لا تكتب زنا بل تكتب معصية اخرى.
فمن هنا ظهر أنّ نيّة الكبيرة ليست بكبيرة كما توهّم.
وممّا يؤيّد المختار من كون العزم على المعصية معصية ، ذهاب جماعة في الإصرار على الصغيرة إلى أنّ الإصرار يتحقّق بفعل المعصية تارة ثمّ القصد إلى فعلها اخرى وان لم يفعلها ، فإنّ العزم محقّق لموضوع الإصرار وإن لم يكن بعين المعصية المأتيّ بها.
وأمّا توهّم كون ترك التوبة بعد الصغيرة إصرارا أيضا نظرا إلى وجوبها فورا فلا حاجة في تحقّق موضوع الإصرار إلى لحوق قصد الإتيان بالمعصية مرّة اخرى ، ففاسد جدّا ، لأنّ وجوب التوبة ـ إن قلنا به كما عليه المتكلّمون ـ من كونه لدفع الضرر وتكفير الذنب وجوب إرشادي نظير الوجوب المستفاد من أوامر الطبيب ، فلا يترتّب على مخالفته إلاّ بقاء استحقاق العقاب المترتّب على المعصية ، وإلاّ فمع قطع النظر عنه لا عقاب على ترك التوبة بنفسه ، كما أنّ مخالفة أمر الطبيب لا يترتّب عليه إلاّ بقاء الضرر المترتّب على المرض السابق.
ثمّ إنّ ما اخترناه من كون العزم على المعصية معصية مع ثبوت العفو عنها في الجملة ، هو الّذي نسبه بعض الأعاظم إلى جماعة من الخاصّة والعامّة كعلم الهدى والطبرسي والزمخشري والبيضاوي والبهائي ، حتّى عن الأوّل أنّه قال : وقد تجاوز قوم حتّى قالوا :العزم على الكبيرة كبيرة وعلى الكفر كفر.
بل عن الأخير : أنّه جعل ممّا لا ريب فيه عندنا وعند العامّة ، وادّعى كونه من ضروريّات الدين ولكن لم ينقل عنهم القول بالعفو عدا ما استظهره عن البهائي من اعترافه بثبوت العفو عنه.
قال المحقّق الطوسي في التجريد : إنّ إرادة القبيح قبيحة.
وعن السيّد الداماد : إنّه نسب إلى فقهائنا وفقهاء العامّة واصولينا واصوليّهم أنّهم قد اتّفقوا على أنّ العزم على المعاصي ونيّتها ممّا لا يترتّب عليه عقاب ومؤاخذة ما لم يتحقّق التلبّس بالمعصية.
__________________
(١) البقرة : ٩١.