عليه رجحانه بالذات بحيث لولاه لما كان فيه حسن ولا رجحان أصلا فهو مقدّمة للصحّة ، ويعبّر عنه بمقدّمة الواجب أيضا ، وكذلك قيد الفعل لأنّه يشخّصه وينوّعه كالطهارة والاستقبال للصلاة وقصد الإخلاص لجميع العبادات ، فإنّ الأمر لا قبح فيه بالذات غير أنّ ما خلا عنها لا حسن فيه في نظر الشارع.
وكلّ شرط أو سبب ينوط به الأمر بذلك المأمور به وإن كان في حدّ ذاته راجحا بحيث لولاه لكان أصل الأمر قبيحا عند العقل [ فهو مقدّمة للوجوب ] كالعلم والقدرة والعقل والبلوغ والاستطاعة وبلوغ النصاب ونحو ذلك ، لاستقلال العقول بقبح أصل الأمر والإلزام بالفعل بالنسبة إلى من لا يعلم أو لا يقدر أو لا يعقل أو لا يبلغ في الجملة ، أو لا يملك الزاد والراحلة أو لا يملك النصاب في الجملة أيضا.
وأمّا أصل الفعل فربّما يمكن رجحانه في الجميع إن أمكن صدوره عن البعض.
ثمّ إنّ من الشروط ما يكون من الأوقات كعشرة أيّام الحجّ وشهر الصيام وأوقات الصلاة ، وما يكون من الأمكنة كمحلّ الطواف والسعي والوقوفين والرمي والذبح ونحو ذلك في مناسك الحجّ ، وما يكون من الامور الاعتباريّة كقدوم الحاجّ ومجيء زيد وما أشبه ذلك فيما علّق عليها ، وقد جرت عادة الجمهور بتسمية الواجب بالنسبة إلى النوع الأوّل والثالث مشروطا والتعبير عنهما بمقدّمة الوجوب ، وهو على ظاهره بضابطة ما قرّرناه من الميزان غير سديد ، لقضاء الوجدان والقوّة العاقلة بكون الزمان كالمكان من مشخّصات الفعل فيكون قيدا له ، كما أنّ الامور الاعتباريّة أيضا كذلك فإنّها كالأوّلين إنّما تلاحظ وجها لرجحان الفعل وحسنه بحيث لولاه لما كان الفعل حسنا لا أنّ الأمر به قبيح بالذات ، وإن كان يقبح بالعرض لفرض عدم الحسن في الفعل.
وقضيّة ذلك كونها من مقدّمات الصحّة كالطهارة ونحوها.
المقدّمة الثالثة :
قد عرفت في مبادئ المبحث أنّهم عرّفوا الواجب المشروط بما يتوقّف وجوبه على ما يتوقّف عليه وجوده ، وسمعت مرارا إطلاقه بهذا المعنى على الحجّ بالنسبة إلى الاستطاعة ، والزكاة بالنسبة إلى النصاب ، وسائر الواجبات بالنسبة إلى الشرائط الأربع المذكورة ، وعلى الحجّ بالإضافة إلى حضور أوقاته ، والصوم بالإضافة إلى الفجر ، والصلاة بالنسبة إلى الزوال وهو في غاية الإشكال ، كما أنّ التحديد بما ذكر لا يخلو عن نوع غموض وإجمال.