يموت ثمّ يبعث الله نبيّاً ، إلاّ أنّنا نجد أنّ هذا النمط من الحركة فقد بالنسبة لعيسى عليهالسلام ، ولم يمت ورفع إلى السماء ، فهكذا في الإمام المهديّ عليهالسلام ، فنجد أنّ الظرف فيه اختلف لأُمور لا يعلمها إلاّ الله تعالى ، وما يذكر في سرّ غيبته كحكمة لا أكثر.
والإمام المهديّ عليهالسلام لم يترك وظيفته سدى ، بل عيّن من بعده وكلاء أربعة ، ثمّ بعد الوكلاء الأربع أرجع الأُمّة إلى فقهائها ، ومن له تضلّع في العقيدة الإسلامية ، والشرع المقدّس ، فجعلهم نوّاباً عنه ، يديرون ما تحتاج له الأُمّة إلى ظهوره عليهالسلام.
فلذلك ليس هناك صناديق اقتراع ولا غيرها ، لأنّ التسلسل محفوظ من الله إلى النبيّ إلى الإمام إلى وكلائه ، ورئيس الجمهورية لا يصلح للقيام بقيادة الأُمّة إلاّ بأخذ شرعيته من الوكيل ، ويكون دوره كمنفّذ لما يقوم به لا أكثر ، فلا يشرّع ولا يسنّ ولا غير ذلك.
وصناديق الاقتراع هي وليدة النظرية الشوروية ، أو وليدة السقيفة ، فإنّ الأُمّة المقابلة للأُمّة الشيعيّة ، بعد ضربها لإمامها عرض الحائط ، وفتح الباب الاقتراع ـ إن كان ، وإلاّ فأبو بكر وليد الدكتاتورية ، وليس وليد صناديق الاقتراع ـ بدأت نظريّتها من القرشي الصالح لقيادة الأُمّة العادل ، إلى أن وصلت إلى جواز تولّي الكافر ، إذا استطعنا تحت ظلّه ممارسة الشرع الإسلامي ، كما إذا راجعت الأحكام السلطانية للماوردي ، وظهر لنا باب الانتخاب ، وإلاّ فليس في شرع الإسلام الحقيقيّ انتخاب ، وليس هناك صندوق ، ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) (١) ، ( فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ ) (٢) ، لا إلى الصندوق ، ولا إلى
__________________
١ ـ المائدة : ٥٥.
٢ ـ النساء : ٥٩.