الواقع كان بعض هذا
الكلام ، فحرّف وزيد فيه.
ولو تأمّلت أحوال النبيّ صلىاللهعليهوآله مع زوجاته ، وما
كان يجري بينه وبينهن من الغضب تارة ، والصلح تارة أُخرى ، والسخط تارة والرضا
أُخرى ، حتّى بلغ الأمر إلى الطلاق مرّة ، وإلى الإيلاء مرّة ، وإلى الهجر مرّة ، والقطيعة
مرّة ، وتدبّرت ما ورد في الروايات الصحيحة ممّا كنّ يلقينه عليهالسلام به ، ويسمعنه إيّاه
، لعلمت أنّ الذي عاب الحسدة والشائنون علياً عليهالسلام
به ، بالنسبة إلى تلك الأحوال قطرة من البحر المحيط.
ولو لم يكن إلاّ قصّة مارية ، وما جرى
بين رسول الله صلىاللهعليهوآله
وبين تينك الامرأتين من الأحوال والأقوال ، حتّى أنزل فيهما قرآن يتلى في المحاريب
، ويكتب في الصحائف ، وقيل لهما ما يقال للاسكندر ملك الدنيا ، لو كان حيّاً ، منابذاً
لرسول الله صلىاللهعليهوآله
: ( وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ
مَوْلاَهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ
ظَهِيرٌ ).
ثمّ أردف بعد ذلك بالوعيد والتخويف : ( عَسَى
رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ ) الآيات بتمامها ، ثمّ ضرب لهما مثلاً
امرأة نوح وامرأة لوط اللتين خانتا بعليهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئاً ، وتمام
الآية معلوم ، فهل ما روي في الخبر من غضب فاطمة على علي عليهالسلام وغيرتها من تعريض
بني المغيرة له بنكاح عقيلتهم ، إذا قويس إلى هذه الأحوال وغيرها ، ممّا كان يجري
إلاّ كنسبة التأفيف إلى حرب البسوس ، ولكن صاحب الهوى والعصبية لا علاج له ».
هذا آخر ما أردت بيانه حول نسيج
الأفّاكين الذين حاولوا الغضّ من مقام الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام ، وأنّه آذى فاطمة
وأساء إليها ، تارة لخطبة ابنة أبي جهل ، وأُخرى بخطبة أسماء بنت عميس ، وثالثة
بجارية بعث بها إليه أبو بكر ،
__________________