ومنها
: المكاشفة ورؤية ملكوت الأشياء وحقائقها
كما هي ، وإنّ علمائنا الأعلام نالوا في هذا المقام درجات من الحديث المستصعب ،
أعطاهم الله الكرامات والمقامات الرفيعة وفتح سمعهم وأبصارهم ، فكانوا يسمعون ما
لا يسمع غيرهم ويبصرون ما لا يبصر غيرهم.
عن سلام ، قال : كنت عند أبي جعفر (عليه
السلام) فدخل عليه حمران بن أعين ، فسأله عن أشياء ، فلمّا همّ حمران بالقيام قال
لأبي جعفر (عليه السلام) : اُخبرك أطال الله بقاك وأمتعنا بك ، أنّا نأتيك فما
نخرج من عندك حتّى ترقّ قلوبنا وتسلوا أنفسنا عن الدنيا ، ويهون علينا ما في أيدي
الناس من هذه الأموال ، ثمّ نخرج من عندك ، فإذا صرنا مع الناس والتجّار أحببنا
الدنيا؟ فقال أبو جعفر (عليه السلام) : إنّما هي القلوب مرّة يصعب عليها الأمر
ومرّةً يسهل. ثمّ قال أبو جعفر (عليه السلام) : أما إنّ أصحاب رسول الله (صلى الله
عليه وآله) قالوا : يا رسول الله ، نخاف علينا النفاق! قال : فقال لهم : ولِمَ
تخافون ذلك؟ قالوا : إنّا إذا كنّا عندك فذكرتنا روعنا ووجلنا ونسينا الدنيا
وزهدنا فيها حتّى كأ نّا نعاين الآخرة والجنّة والنار ، ونحن عندك. وإذا دخلنا هذه
البيوت وشممنا الأولاد ورأينا العيال والأهل والمال يكاد أن نحوّل عن الحال التي
كنّا عليها عندك ، وحتّى كأ نّا لم نكن على شيء؟ أفتخاف علينا أن يكون هذا النفاق؟
فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) : كلاّ ، هذا من خطوات الشيطان ليرغّبكم
في الدنيا ، والله لو أنّكم تدومون على الحال التي وصفتم أنفسكم بها لصافحتكم
الملائكة ومشيتم على الماء ».
وفي خبر آخر : « لولا هيام الشياطين على
قلوبكم لرأيتم ما أرى ولسمعتم ما أسمع ».
قال الحواريّون لعيسى (عليه السلام) :
ما لَكَ تمشي على الماء ونحن لا نقدر على ذلك؟