الصابون والتنور بعيد جدّا ، لما هو الأصحّ من عدم كونها من العربيّة ، على ما نصّ به ابن عبّاس وغيره.
واخرى : بمنع الملازمة الثانية بدعوى : عدم قضاء اشتمال القرآن على لفظ غير عربي بكونه غير عربي ، فإنّ معنى كونه عربيّا إنّه عربي النظم والاسلوب ، ولا ملازمة بينه وبين عربيّة مفرداته ، إذ ربّما كانت المفردات غير عربيّة والكلام عربي ، كما أنّه ربّما تكون المفردات عربيّة والكلام غير عربي ، كما يشاهد في الكتب الفارسيّة وغيرها.
[٥٦] قوله : (ومع التنزّل بمنع كون القرآن كلّه عربيّا ... الخ)
وهذا في معرض منع بطلان التالي ، وحاصله : إنّ مبنى توهّم البطلان قوله تعالى : ( إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا )(١) على عود الضمير إلى القرآن بتمامه ، وهو في حيّز المنع ، لجواز عوده إلى السورة أو الآية بتأويل البعض أو المنزّل ، وظاهر أنّ عربيّة البعض لا تستلزم عربيّة الكلّ.
والاعتراض عليه : بأنّ السورة والآية ممّا يصدق عليه أنّه بعض القرآن ، وبعض الشيء لا يصدق عليه نفس ذلك الشيء.
يندفع : بأنّ القرآن ليس كالعشرة ليكون اسما للمجموع من حيث هو ، على معنى مدخليّة الهيئة الاجتماعيّة في وضعه حتّى يمتنع صدقه على الأبعاض ، بل هو مقول على المجموع وعلى كلّ بعض بالاشتراك معنى ، بدعوى : وضعه للقدر المشترك بين المجموع وكلّ بعض كالمنزّل على وجه الإعجاز ونحوه ، كلفظ « الماء » الموضوع للقدر المشترك بين مجموع المياه وكلّ من أبعاضه ، وهو الجسم البسيط الرطب البارد بالطبع ، فصدق البعضيّة على السورة أو الآية لا ينافي صدق اسم القرآن عليها ، لأنّها بعض باعتبار كونها في ضمن الكلّ ، وقرآن باعتبار اشتمالها على القدر الجامع الموضوع له ، كماء البحر الّذي هو بعض من مجموع المياه ، وماء باعتبار ما تحقّق في ضمنه من المفهوم الكلّي الموضوع له.
__________________
(١) الزخرف : ٣.