عند عدم التقية منعا غيريا دليل على عموم الشئ لكل ما يشبهه من الممنوعات لاجل التوصل بتركها إلى صحة العمل ، فدل على رفع التقية لمثل هذا المنع الغيري وتأثيرها في ارتفاع أثر ذلك الممنوع منه ، فيدل على أن التقية ثابتة في التكفير في الصلاة مثلا ، بمعنى عدم كونه ممنوعا عليه فيها عند التقية ، وكذا في غسل الرجلين واستعمال النبيذ في الوضوء ونحوهما.
وفي معنى هذه الرواية روايات أخر واردة في هذا الباب :
مثل قوله عليه السلام : « ثلاثة لا أتقي فيهن أحدا : المسح على الخفين ، وشرب النبيذ ، ومتعة الحج » (١).
فإن معناه ثبوت التقية فيما عدا الثلاث من الامور الممنوعة في الشريعة ، ورفعها للمنع الثابت فيها بحالها من المنع النفسي والغيري كما تقدم.
ثم إن مخالفة ظاهر المستثنى في هذه الروايات لما أجمع عليه ـ من ثبوت التقية في المسح على الخفين وشرب النبيذ ـ لا يقدح فيما نحن بصدده.
لان ما ذكرنا في تقريب دلالتها على المطلب لا يتفاوت الحال فيه بين إبقاء الاستثناء على ظاهره أو حمله على بعض المحامل ، مثل اختصاص الاستثناء بنفس الامام عليه السلام ، كما يظهر من الرواية المذكورة ، وتفسير الراوي في بعضها الآخر (٢) ، والتنبيه على عدم تحقق التقية فيها ، لوجود المندوحة أو لموافقة بعض الصحابة أو التابعين على المنع من هذه الامور ، إلى غير ذلك من المحامل الغير القادحة في استدلالنا المتقدم.
__________________
١ ـ الكافي ٣ / ٣٢ حديث ١ باب مسح الخف ، الفقيه ١ / ٣٠ حديث ٩٥ ، التهذيب ١ / ٣٦٢ حديث ١٠٩٣ ، الاستبصار ١ / ٧٦ حديث ٢٣٦.
٢ ـ ففي الكافي والتهذيب والاستبصار : أن زرارة بن أعين قال بعد الحديث السابق : ولم يقل الواجب عليكم ألا تتقوا فيهن أحدا.