الاحتجاج بالوجه الأخير ، بأنّه لو استلزمها لكان نحو المركّبات المذكورة حقائق وبطلانه معلوم بالضرورة.
ويمكن الجواب عن الأوّل أوّلا : بمنع كونه فيه تعالى مجازا لجواز طروّ النقل فيه بالقياس إليه تعالى ، ولا يلزمه سبق التجوّز ، لعدم انحصاره في المسبوق به إلى أن يغلب فبلغ حدّ الحقيقة ، بل قد يكون بالتعيين من دون سبق استعمال فيه عليه ، وقد يكون بالتعيّن من دون سبق تجوّز في الاستعمال ، بأن يكثر إطلاقه عليه تعالى من باب إطلاق الكلّي على الفرد إلى أن يغلب فيه ويتعيّن له.
ولا يذهب عليك أنّ ثاني الوجهين مخدوش عندنا ، لتنافي فرض الإطلاق المبنيّ على إلغاء الخصوصيّة وحصول التعيّن من جهته المبنيّ على اعتبار الخصوصيّة ، فإنّ التعيّن إنّما ينشأ من غلبة استعمالات اللفظ إلى أن يستغني عن القرينة ، فلا بدّ وأن يكون محلّه معروض تلك الاستعمالات ، فإذا كان التقدير تقدير تعرية معروض الاستعمالات عن الخصوصيّة استحال طروّ التعيّن لها ، وإذا كان فرض التعيّن محقّقا في الخارج وهو يقتضي اعتبار الخصوصيّة استحال تعرية الاستعمالات عنها.
وثانيا : بمنع قضاء عدم الاطّلاع على عدم الوقوع.
واعترض عليه العضدي والتفتازاني : بأنّا لا نعني بعدم الاستعمال إلاّ عدم الاطّلاع بعد الاستقراء التامّ.
وثالثا : بمنع عدم اتّفاق استعماله في موضوعه الأصلي ، كيف وإنّهم أطلقوا « رحمن اليمامة » على مسيلمة الكذّاب ، حتّى أنّه قال بعضهم في شأنه : « وأنت غيث الورى لا زلت رحمانا ».
واعترض عليه تارة : بأنّ الإطلاق المذكور على تقدير صحّته متأخّر عن استعماله فيه تعالى ، فهو قبل طروّ هذا الإطلاق ممّا يصدق عليه المجاز من دون حقيقة وهذا كاف.
واخرى : بأنّ هذا الإطلاق وقع منهم تعنّتا في كفرهم فلا يعبأ به.