ووجّهه البعض بتوقّف الحكم بطهارة الملح بأجمعه عليه نظرا إلى أنّ الأرض تنجس حينئذ ، ويلزم من ذلك نجاسة ما يلاقيها من الملح. ولم يجعل النظر في نجاسة الملح إلى نجاسة مائه بملاقاة النجاسة له قبل الاستحالة ؛ ذهابا إلى أنّ استحالته ملحا مطهّرة له كما طهرت عين النجاسة.
وفي صدق الاستحالة بالنظر إلى الماء إشكال. بل الظاهر انتفاؤها ، فيتّجه اعتبار كرّيّة الماء في الحكم بطهارة الملح المنعقد منه ما دامت عين النجاسة قائمة.
مسألة [٣٦] :
وعدّ كثير من الأصحاب في باب الاستحالة المطهّرة أشياء لا خلاف بينهم في طهارتها : كاستحالة النطفة حيوانا طاهرا ، والماء النجس بولا لحيوان مأكول اللحم أو جزءا من الخضراوات المسقيّة بها ، والغذاء النجس روثا أو لبنا لمأكول ، والدم النجس قيحا أو جزءا من حيوان لا نفس له كالبراغيث والبقّ.
والوجه في ذلك كلّه ـ مع الإجماع المدّعى في كثير من صوره ـ أنّ الاسم الذي هو مناط الحكم بالنجاسة زائل معها فيزول التنجيس.
وبقي منها استحالة الخمر خلّا.
وقد حكى العلّامة فيه اتّفاق علماء الإسلام إذا كانت استحالته من نفسه ، والأخبار الكثيرة ناطقة به.
فمن ذلك ما رواه الكليني في الحسن عن زرارة عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « سألته عن الخمر العتيق يجعل خلّا؟ قال : لا بأس » (١).
وما رواه الشيخ في الموثّق عن عبيد بن زرارة قال : « سألت أبا عبد الله عليهالسلام
__________________
(١) الكافي ٦ : ٤٢٨.