الاصطلاحي ، فلا وجه لانصرافها إلى خصوص الفرعيّة ، مع أنّ توضيحيّة الشرعيّة منافٍ لاصطلاحاتهم واستعمالاتهم بالكلّيّة ، إلا تراهم يعرّفون الحكم الشرعي في المبادئ الأحكاميّة بالمعاني المذكورة ، ثمّ يقسّمونه إلى الأقسام المشهورة ، ولم يكتفوا بذكر أحدهما عن الآخر ، كما لا يخفى على ذي بصيرة.
وبـ ( عن أدلّتها ) علم الله تعالى ذي الجلال والإكرام ، وعلم المَلَكِ ، والنبيّ والإمام عليهم أفضل الصلاة والسلام ، والعلم بالضروري من دين الإسلام ؛ لعدم الاحتياج في شيء منها إلى الدليل في الحضور والتحصيل ، فإنّ علمه تعالى ليس بطريق النظر والاستدلال ؛ لفنائه المطلق وكماله المحقّق في كلِّ حال ، وكذا علوم الملائكة والنبيّ والآل ، فإنّهم إنّما يستفيدون الأحكام من الوحي والإلهام ؛ لتنزّههم عن الظنون بقاعدة اللطف ودليل العصمة ، ولأنّهم الواسطة في إفاضة العلم والمعرفة والحكمة ، بل علومهم ضروريّة حاصلة من أسباب باعثة عليه ، قد ذكر في عدّة من أخبارهم الإشارة إليه.
ولا ينافي ذلك ما دلّ من الأخبار على وصفهم بالمستنبطين ، كما في تفسير الآية الشريفة ، وعلى استفادتهم بعض الأحكام من الكتاب والسنّة المنيفة ؛ لأنّ ذلك الاستنباط والاستفادة ليس على وجه الفكر والنظر والاستكشاف ، بل على وجه البداهة والضرورة والانكشاف ، فالدليل والمدلول عندهم في المعلوميّة بمرتبة واحدة على السويّة.
وأمّا الضروريّات ؛ فلأنّها من جملة القضايا التي قياساتها معها ، ولا يسمّى ذلك في العرف استدلالاً ، ولا العلم الحاصل معها علماً من الدليل ، وإنْ كانت تلك الضرورة علّة للعلم في نفس الأمر ، كما لا يخفى على ذي تحصيل.
وبالجملة ، فكون تلك العلوم مسبّبة عن سبب ، لكن ليست مسبّبة عن خصوص الأدلّة ، بل من جهة أُخرى ، وتوسّط الأسباب لا ينافي الضرورة لكونها وسائط في الثبوت لا الإثبات ، فإنّ العلوم الضروريّة كلّها ذوات أسباب لكنّها عن النظر فيها غنيّة ،