الرشد ». قيل : كيف يكون أموالهم أموالنا؟. قال : « إذا كنت أنت الوارث لهم » (١). وهو حجّة واضحة ودلالة طافحة.
أو أنّه باعتبار استحقاقه إيّاه لو لم يوجد ، أو باعتبار المعهود بين العرب من نسبة الفعل الصادر من بعض والملك المستحقّ له إلى البعض الآخر للعلاقة النسبيّة أو السببيّة ، وإنّ القرآن قد نزل بلغتهم ، فإنّهم يقولون : فعلنا ببني فلان كذا. وإنّما كان الفاعل والمفعول البعض لا الكلّ ، ويقولون : قلنا لبني فلان. وإنّما كان القول لبعضهم ، ويقولون : هذه الضيعة لبني فلان. وإنّما كانت لأحدهم ، كما لا يخفى على مَنْ له معرفة وتنبّه لكلامهم.
ومن هذا القبيل توبيخ الأخلاف بفعل الأسلاف ، كما دلّ عليه الخبر المرويّ في ( الاحتجاج ) عن السجّاد عليهالسلام ، حيث قال له بعض مَنْ في مجلسه : يا ابن رسول الله ، كيف يعاقب الله ويوبِّخ هؤلاء الأخلاف على قبائح أتاها أسلافهم ، وهو يقول ( وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ) (٢)؟.
فقال عليهالسلام : « إنّ القرآن نزل بلغة [ العرب (٣) ] فهو يخاطب فيه أهل اللّسان بلغتهم ، يقول الرجل التميمي قد أغار [ قومه (٤) ] على بلد وقتلوا مَنْ فيه ـ : أغرتم على بلد كذا وفعلتم كذا ، ويقول العربي : نحن فعلنا ببني فلان ، ونحن سبينا آلَ فلان ، ونحن خرّبنا بلد كذا ، لا يريد أنّهم باشروا ذلك ، ولكن يريد هؤلاء بالعذل وأُولئك بالافتخار أنّ قومهم فعلوا كذا.
فقول الله تعالى في هذه الآيات أنّما هو توبيخ لأسلافهم ، وتوبيخ العذل على هؤلاء الموجودين ؛ لأنّ ذلك هو اللّغة التي أنزل الله بها القرآن ؛ ولأنّ هؤلاء الأخلاف راضون بما فعل أسلافهم ، مصوّبون ذلك لهم ، فجاز أن يقال [ لهم (٥) ] : أنتم فعلتم ، [ إذ (٦) ] رضيتم قبيح
__________________
(١) تفسير العياشي ١ : ٢٤٦ / ٢٣ ، الوسائل ١٩ : ٣٦٩ ، كتاب الوصايا ، ب ٤٥ ، ح ١٠.
(٢) الأنعام : ١٦٤ ، الإسراء : ١٥ ، فاطر : ١٨ ، الزمر : ٧.
(٣) في المخطوط : ( الربّ ) ، وما أثبتناه من المصدر.
(٤) في المخطوط : ( قوم ) ، وما أثبتناه من المصدر.
(٥) من المصدر.
(٦) في المخطوط : ( إذا ) ، وما أثبتناه من المصدر.