فعلتُ (١) واعدُدني ، كلمة للأمر فقط ) (٢) .. إلى آخره.
ولا يخفى على ذي فطنة صحيحة ما فيه من المنافاة الصحيحة لما رام تصحيحه ، إذ لو كان ( هبني ) في المثال من وهب بمعنى : أعطى ، لجعله في سياق قوله : ( واتّهب قبله وتواهَبُوا وهب بعضُهم لبعض ) ، وما أشبهه من الأمثلة المناسبة له ، ولَما فصله عنها بما خرج عن تلك المادّة ، كالسحابة والحصن والرجل والغدير ، ثمّ عقّبه بما لا تعلّق له بتلك المادّة كوهب بمعنى : جعل في قوله : ( ووهبني الله فداءك ، بمعنى : جعلني ، وأوهبه لك : أعدَّه ، والشّيء أمكنك أنْ تأخذه ) (٣) .. الى آخره ، ولَمَا خصّه بملازمة الأمر ، كما لا يخفى على ذي حجر. وهذا بحمد الله واضح المنار جليّ ليس عليه غبار ، فاعتبروا يا أُولي الأبصار.
وأمّا قوله : إنّ نسبة ( الواو ) إلى الحاليّة من العجاب.
فهو من أعجب العُجاب ، كما يظهر للمتأمّل في هذا الجواب : لا يقال :
وكُلُّ يدعي وصلاً بليلى |
|
وليلى لا تقرّ لهم بذاكا |
لأنّا نقول :
إذا انبجسَتْ دُموعٌ من عيونٍ |
|
تبيّن مَنْ بكى ممّن تباكى |
وأمّا قوله : لأنّ مدخول الواو الحالية عند اولي الفنّ لا يكون إلّا قطعيّاً.
ففيه ، أوّلاً : أنّي لم أَقِفْ على من اشترط هذه القطعيّة من أهل الفنّ النحوي ، بل ولا الفنّ البياني ، إذ العلم المتكفّل بهذه المسألة ليس إلّا هذين الفنّين ، وما وقفنا عليه من كتبهما خالٍ من اشتراط هذه القطعيّة في البين ، إذ نهاية ما اشترطوه في صحّة وقوع الحال جملةً أعمّ من كونها مربوطةً بالواو أو الضمير ، كون تلك الجملة خبريّة محتملةً للصّدق والكذب ؛ لأنّ الحال كالنعت ؛ لأنَّه وصفٌ لصاحبه في المعنى ، والنعتُ لا
__________________
(١) لم يرد في المصدر : فعلت.
(٢) القاموس المحيط ١ : ٣٠٥.
(٣) القاموس المحيط ١ : ٣٠٥.