( الحجة الثانية عشرة ) إن أصحابنا رحمهم اللّه تعالى بينوا أن الأنبياء أفضل من الملائكة وثابت بالدلالة على أن الملائكة ما أقدموا على شيء من الذنوب ، فلو صدرت الذنوب عن الأنبياء لامتنع أن يكونوا زائدين في الفضل على الملائكة لقوله تعالى ( أَمْ نَجْعَلُ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا اَلصّٰالِحٰاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي اَلْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ اَلْمُتَّقِينَ كَالْفُجّٰارِ ) (١).
( الحجة الثالثة عشرة ) قال اللّه تعالى في حق إبراهيم عليه الصلاة والسلام ( إِنِّي جٰاعِلُكَ لِلنّٰاسِ إِمٰاماً ) (٢) والإمام هو الذي يقتدى به فلو صدر الذنب عن إبراهيم لكان اقتداء الخلق به في ذلك الذنب واجبا وإنه باطل.
( الحجة الرابعة عشرة ) قوله تعالى : ( لاٰ يَنٰالُ عَهْدِي اَلظّٰالِمِينَ ) (٣) فكل من أقدم على الذنب كان ظالما لنفسه لقوله تعالى : ( فَمِنْهُمْ ظٰالِمٌ لِنَفْسِهِ ) (٤).
إذا عرفت هذا فنقول : ذلك العهد الذي حكم اللّه تعالى بأنه لا يصل إلى الظالمين إما أن يكون هو عهد النبوة أو عهد الإمامة ، فإن كان الأول فهو المقصود ، وإن كان الثاني فالمقصود أشهر ، لأن عهد الإمامة أقل درجة من عهد النبوة ، فإذا لم يصل عهد الإمامة إلى المذنب العاصي ، فبأن لا يصل عهد النبوة إليه أولى.
( الحجة الخامسة عشرة ) روي أن خزيمة بن ثابت الأنصاري رضي اللّه عنه شهد على وفق دعوى النبي صلّى اللّه عليه وسلّم ، مع أنه ما كان عالما بتلك الواقعة فقال خزيمة : « إني أصدقك فيما تخبر عنه من أحوال السماء ،
__________________
١ ـ سورة ص الآية ٢٨.
٢ ـ سورة البقرة الآية ١٢٤.
٣ ـ سورة البقرة الآية ١٢٤.
٤ ـ سورة خاطر الآية ٣٢.