نعم ، إنّ نهج الاجتهاد و الرأي ـ و تصحيحاً
لما ذهب إليه الشيخان ـ نسب كراهة التدوين إلى بعض أعيان الصحابة كابن عبّاس و ابن مسعود
و غيرهما ، لكنّ المراجع لسيرتهم ومواقفهم يعرف سقم هذه النسبة إليهم ، و أن اختلاف النقل عنهم يشير إلى هذه الحقيقة المرّة.
فقد أخرج الخطيب بسنده إلى أبي رافع : كان
ابن عبّاس يأتي أبا رافع فيقول : ما صنع رسول الله صلىاللهعليهوآله
يوم كذا ؟ ما صنع رسول الله صلىاللهعليهوآله
يوم كذا ؟ و مع ابن عبّاس ألواح يكتب فيها .
و عن ابن عبّاس قوله : « قيدوا العلم ، و
تقييده كتابته »
، و في آخر : « خير ما قُيّد به العلم الكتاب »
، و في ثالث : « قيّدوا العلم بالكتاب ، من يشتري منّي علماً بدرهم » .
و عن معن ، قال : أخرج لي عبدالرحمن بن
عبدالله بن مسعود كتاباً و حلف لي أنّه خطّ أبيه بيده .
فالنصوص توضّح أنّ ابن عبّاس و ابن مسعود
كانا من المدوّنين و المحدثين و أنّ الحقيقة هي أنّ النهي عن تدوين الحديث هو ممّا شرعه الشيخان ، و كان مما يؤرّق أنصارهم و يؤذيهم ، إذ كيف يمكن فرض الحصار على حديث رسول الله و هو صلىاللهعليهوآله
المبيّن لأحكام الله ؟
_______________________________