ألقى أحد طفلاً في النار فهو يحترق جزماً ، وليس في ذلك ظلم من الله سبحانه عليه ، بل الظالم من ألقاه في النار ، فلو قطع أحد رقبة أحد ، فمقطوع الرقبة سوف يموت جزماً ، أو دسّ أحد سمّاً قاتلاً في طعام ، فالذي دسّ إليه السمّ سوف يموت حتماً ، وليس في ذلك ظلم من الله سبحانه ، بل الظالم هو قاطع الرقبة ، والذي دسّ إليه السمّ .
وخروج الأطفال معاقين في معظم الأحيان لأجل سوء عمل الأبوين عند المواقعة ، أو لشرب بعض الأدوية ، أو غيرها من الأسباب التي أشار إليها الرسول صلىاللهعليهوآله في النصيحة التي قدّمها إليها بواسطة الإمام علي عليهالسلام ، وليس في ذلك ظلم من الله سبحانه ـ والعياذ بالله ـ على أحد ، وهذا كلّه في القسم الأوّل .
ثانيهما : الحوادث التي تحدث في العالم قد قدّرت ونظّمت ، ورتّبت طبق اقتضاء الحكمة البالغة ، وتلك الحكمة هي التي تتحكّم ، بأنّ يولد لأحد ولد وللآخر تولد البنت ، والأعمار تقدّر تحت هذه الحكمة الإلهية ، التي تكون ضمن الآجال الحتمية ، ويدخل تحت هذا أن يكون شخص من ذرّية رسول الله صلىاللهعليهوآله ، والآخر من ذرّية شخص آخر ، ويدخل في هذا الإطار ، وفي هذا القسم وجود معاقين من صلب أبوين شريفين ملتزمين بجميع نصائح النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وأوامر الشريعة الغرّاء ، ويكون في هذا البلاء وامتحان للمعاق ولغيره .
إنّ المقادير تجري كما قدّرها الله سبحانه ، ولا راد لقضائه ، ولا مبدّل لحكمه ، ولا تدرك عقولنا مغزى الحكمة ، وليس يدخل ذلك في الظلم ، لأنّ الظلم هو وضع الشيء في غير محلّه ، والله لا يفعل ذلك ، والصابر على قضاء الله مأجور ، والجازع مأزور ، كما ورد في بعض الروايات ، وإلى هذا المعنى يشير الإمام الحسين عليهالسلام في بعض كلماته : « لا محيص عن يوم خطّ بالقلم ، رضى الله رضانا أهل البيت ، نصبر على بلائه ، ويوفّينا أُجور الصابرين ... » (١) .
______________________
(١) مثير الأحزان : ٢٩ .