يحدثون مأتماً ولا نياحة ، بل يصبرون ويسترجعون كما أمر الله ورسوله ، أو يفعلون ما لابأس به من الحزن والبكاء عند قرب المصيبة .
قال النبيّ صلىاللهعليهوآله : « مهما كان من العين والقلب فمن الله عزّ وجلّ ، ومن الرحمة ، وما كان من اليد واللسان فمن الشيطان » (١) .
وقال : « ليس منّا من ضرب الخدود ، وشقّ الجيوب ، ودعا بدعوى الجاهلية » (٢) ، يعني مثل قول المصاب : يا سنداه ، يا ناصراه ، يا عضداه .
وقال : « النائحة إذا لم تتب قبل موتها ، تقام يوم القيامة عليها سرابيل من قطران ودرع من جرب » (٣) .
وقال : « لعن الله النائحة والمستمعة » (٤) ، وقد قال في تنزيله : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَىٰ أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) (٥) ، وقد فسّر النبيّ صلىاللهعليهوآله قوله : ( وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ ) بأنّها النياحة .
وتبرّأ النبيّ صلىاللهعليهوآله من الحالقة والصالقة ، والحالقة : التي تحلق شعرها عند المصيبة ، والصالقة : التي ترفع صوتها عند المصيبة .
وقال جرير بن عبد الله : كنّا نعدّ الاجتماع إلى أهل الميّت وصنعهم الطعام للناس من النياحة .
وإنّما السنّة : أن يصنع لأهل الميّت طعام ، لأنّ مصيبتهم تشغلهم ، كما قال النبيّ صلىاللهعليهوآله لمّا نعي جعفر بن أبي طالب لمّا استشهد بمؤتة ، فقال : « اصنعوا لآل جعفر طعاماً فقد أتاهم أمر يشغلهم » (٦) ، والآن هل لديكم دليل واحد على
______________________
(١) مسند أحمد ١ / ٢٣٨ .
(٢) المعجم الأوسط ٤ / ١٩٩ .
(٣) مسند أحمد ٥ / ٣٤٤ .
(٤) الجامع الصغير ٢ / ٤٠٨ .
(٥) الممتحنة : ١٢ .
(٦) مسند أحمد ١ / ٢٠٥ .