قبل الاجتهاد حكم معيّن ، بل حكمه تعالى فيها تابع لظن المجتهد. وهؤلاء هم
القائلون بأن « كل مجتهد مصيب ».
واختلف هؤلاء
فقال بعضهم : لا بد أن يوجد في الواقعة ما لو حكم الله تعالى فيها بحكم لم يحكم
إلا به ، وقال بعضهم : لا يشترط ذلك.
والقول الثاني : أنّ
له تعالى في كل واقعة حكما معينا.
وعلى
هذا فثلاثة أقوال :
أحدها : وهو
قول طائفة من الفقهاء والمتكلمين ، يحصل الحكم من غير دلالة ولا أمارة ، بل هو
كدفين يعثر عليه الطالب اتفاقا ، فمن وجده فله أجران ، ومن أخطأه فله أجر.
والقول الثاني : عليه
أمارة ، أي دليل ظني ، والقائلون به اختلفوا فقال بعضهم : لم يكلف المجتهد بإصابته
لخفائه وغموضه ، فلذلك كان المخطئ فيه معذورا مأجورا ، وهو قول جمهور الفقهاء ؛
وينسب إلى الشافعي وأبي حنيفة.
وقال بعضهم : إنه
مأمور بطلبه أولا ، فإن أخطأ وغلب على ظنه شيء آخر تغير التكليف ، وصار مأمورا
بالعمل بمقتضى ظنه.
والقول الثالث
: أن عليه دليلا قطعيا ، والقائلون به اتفقوا على أن المجتهد مأمور بطلبه ، لكن
اختلفوا ، فقال الجمهور : إن المخطئ فيه لا يأثم ولا ينقض قضاؤه ، وقال بشر المريسي
بالتأثيم ، والأصم بالنقض.
والّذي نذهب
إليه : أنّ له تعالى في كل واقعة حكما معينا عليه دليل ظني ، وأنّ المخطئ فيه
معذور ، وأنّ القاضي لا ينقض قضاؤه .
إذا
علمت ذلك فللمسألة فروع :
منها : أنّ
المجتهد في القبلة إذا ظهر خطؤه ، هل يجب عليه القضاء أم لا؟
__________________