والمغرب والأندلس ، بل كان لها باع طويل في نشر العلم في أوروبا نفسها ، وتأسيس أحد أركان النهضة الأوربية.
اذ انتشرت العلوم الطبية العربية الى أوربا عن عدة طرق : الأندلس ، وذلك بالترجمات التي جرت بشكل خاص في طليطلة على يد جيرار الكريموني.
ومباشرة من الشرق عن طريق الحروب الصليبية والطرق التجارية ، وبعض الرحالة أمثال الباجو الذي زار دمشق ، ومكث فيها ردحا من الزمن وترجم بعض الكتب.
أو عن القاهرة والاسكندرية بالطرق نفسها.
كذلك عن طريق هام جدا ألا وهو جزيرة صقلية ومدرسة ساليرنو في جنوب ايطاليا.
وعن هذه الطريق الأخيرة انتشرت المدرسة الطبية القيروانية. وكان في ساليرنو مستشفى منذ القرن السابع الميلادي ، وانشئت فيها مدرسة طبية. وفي بداية القرن العاشر جعل الملوك يستدعون أطباءها ويترددون عليها للعلاج(١٥).
ولكن طب ساليرنو كان اغريقيا لاتينيا.
وشعر أمراء المدينة بتفوق الطب العربي وتقدمه ، فبدأ الملوك النورمانديون أمثال فريدريك الثاني بتشجيع العلماء العرب على القدوم اليهم ، وعلى ترجمة كتبهم.
لذلك فعند ما قدم قسطنطين الافريقي الى ساليرنو كانت التربة مهيأة لغرس الطب العربي فيها(١٦).
وحياة قسطنطين فيها قسمان (حسب ما جاء في سيرته التي كتبها بير داكر P. DACRE) الأول : شبه مجهول وخرافي اذ يقال انه ولد في قرطاجنة (التي تعني تونس على الأكثر) (١٧)، ثم ذهب الى العراق وسوريا ومصر ، ومنهم من يضيف الحبشة والهند ، وعند ما عاد الى تونس من جديد اتهم بالسحر والزندقة فهرب الى ساليرنو.