الصحراء ويعمد هؤلاء الأخيرون باعتبارهم. قضاة تحکيم على محاولة مصالحة المتخاصمين في القضايا الصغيرة. أما في القضايا والدعاوى الأکثر جدية فينبغي عليهم أن يشحذوا ضمائرهم وحکمتهم لإيجاد حل عادل يرضي المتضررين علماً بأن العرف المعتاد في الصحراء قد حدد بدقة لکل ذنب أو جريمة ابتداء من الاهانة بالکلام وانتهاء بالقتل غرامة معينة. أما إذا کان الذنب يقع على المتخاصمين کليهما فإن دور القضاة المذکورين يقتصر على تحديد الجانب الذي ارتکب الذنب الأکبر لکي يفرض عليه لصالح الجانب الذي ذنبه أقل غرامة يساوي مقدارها الفرق بين الغرامتين المفروضتين على الذنبين اللذين ارتکبهما هذا وذاک من المتخاصمين. ويحوز هؤلاء القضاة في بعض الأحيان شهرة واسعة بحيث يلجأ إلى حکمهم عدم قبولهم بحاکم قاضي أخرى ذلک أن المتخاصمين يعترف لهم في حالة عدم قبولهم بحاکم قاضي قبيلتهم بالحق في أن ينقلا القضية لينظر فيها «عارف آخر بالشرع المعتاد» لکن الأمر يتطلب في مثل هذه الحالات أن يعلن القاضي الذي أصدر الحکم السابق بطلان ذلک الحکم.
ويناط تنفيذ الأحکام التي يصدرها «قاضي الفرع» او «العارفة» بشيخ القبيلة التي ينتمي إليها المذنب، وإذا ما رفض هذا الأخير الخضوع لقرار القاضي اختياراً يلجأون عادة إلى تأثير الأقارب عليه فيعمد هؤلاء، تجنباً للنزاع مع عائلة المتضرر، وهو أمر يمکن أن يؤدي دوماً إلى إراقة الدماء، إلى إجبار قريبهم المتمرد عادة على تنفيذ الحکم. وإذا کانت الدعوى التي حسمها القاضي تمس قبيلتين فإن القبيلة التي تربحها هي التي تنفذ الحکم بقواها الخاصة دون أن تتردد حتى لو اقتضى الأمر إعلان الحرب على الجهة الأخرى إذا ما أصرت تلک الجهة على رفض ترضيتها :
وعند تلخيصنا لحصيلة ما ذکرناه أعلاه عن
البدو لا يمکن إلا أن