( المحاسن ) (١) الاتّحاد (٢).
وبالجملة ، فظهور تغايرهما شرعاً ولغةً مما مرّ ، ويأتي لا ريبَ فيه. كما أنّ حكم هذا القائل تبعاً للمجلسيّ بالاتّحاد مطلقاً غيرُ وجيه. نعم ، لا يبعدُ احتمال اتّحادهما في ذلك الزمان ، لا مطلقاً ، كما لا يخفى على نبيه.
وأمَّا قوله : ( ولم يذكرْ أهلُ اللغة الربيثا ، فصار غيرَ معروف ).
ففيه : أنَّه لا فائدةَ في كون هذا الصنف معروفاً عند أهل اللغة أو مجهولاً ليتوقّف الحكمُ بالحلّ والحرمة عليهما ، بل المدارُ على حصول العلامة المجعولة من الشارع لحلالِ السمك وحرامه ، وعدمِه. فمتى حصلتْ حُكِمَ بالحلّ مطلقاً ، سواء عُرِفَ اسمُه أم لا ، ومتى لم تحصلْ حُكِمَ بالحرمة كذلك.
ولهذا ترى الأئمّةَ عليهمالسلام متى سُئِلوا عن صنفٍ منه أحالوهم على تلك العلامة ، أو أجابوهم بأنّ له فَلْساً أو قِشْراً في صورة الحلّ ، أو بأنّه ليس له شيءٌ منهما في صورة الحرمة ، كما علّلَ عليهالسلام تحليل الربيثا بقوله عليهالسلام : « أما تَراها تُقَلْقِلُ فِي قِشْرِها؟ ».
هذا ، وقد صرّح بعدم معروفيّته أيضاً في ( البحار ) ، حيث قال : ( ولم يُذْكر الرّبيثا فيما عندنا من كتب اللغة ، ولا كتب الحيوان ، لكنّه مذكورٌ في أخبارنا ، وكتبِ أصحابنا ، ولم يختلفوا في حلّه ) (٣) انتهى.
ولعلّه رحمهالله أراد به تقريب اتّحاده مع الإربيان ؛ لئلّا تخلو أخبارُ الربيثا عن موضوعٍ يتعلّقُ به حكمُ ذلك العنوان ، إلَّا إنّ الملازمة في حيّز المنع والبطلان ؛ لجواز أن يُراد به صنفٌ آخر غيرُ معروف في هذا الزمان.
ولهذا استظهر بعضُ مشايخنا (٤) قدّس الله روحه في شرحه على النافع أنّ الربيثا
__________________
(١) المحاسن ٢ : ٢٧٣ / ١٨٧٥.
(٢) البحار ٦٢ : ١٩١ / بيان ، حيث قال فيه : ( ويظهر من خبر سيأتي أنّهما واحد ).
(٣) البحار ٦٢ : ١٩١ / بيان.
(٤) الظاهر أنّه الشيخ عبد الله بن عباس الستري البحراني ، المتوفّى حدود سنة (١٢٧٠) ، فإنّ له شرحاً على ( المختصر النافع ) ، اسمه ( كنز المسائل ).
وذكر صاحب أنوار البدرين رحمهالله في ترجمة الشيخ عبد الله الستري : حدثني الشيخ أحمد ابن الشيخ صالح بأنّه أدرك هذا الشيخ وقرأ عنده قليلاً في علم التوحيد ، وأنّ أباه كان أحد تلامذته أيضاً.