فلظهور أنّ فساد البيع حينئذٍ أنّما هو لحيثيّة الغرر ؛ لانحلاله إلى نهيه صلىاللهعليهوآله عن بيع الشيء ذي الغرر والخطر ، فيدورُ الفسادُ مدارهما في كلّ عقد قد صدر.
ولذا شاع وذاع بين الفقهاء الاستدلال به في سائر العقود اللازمة ، بل الجائزة أيضاً ، مع عدم دليل خاصٍّ معتبر.
ولأنّ العمومات والإطلاقات المستدلّ بها على أصالة الصحّة في العقود كلّها مبنيّة على ما هو المتعارف بين العقلاء ، ولا شكّ أنّ الغرر ممّا لا يقدمون عليه ، وليس من المعاملات المتعارفة ، فلا تنصرف الأدلّة إليه ؛ لجريان السيرة المستمرّة في جميع الأعصار والأمصار بين المتشرّعة ذوي الأنظار على تجنّب ما فيه الغرر والأخطار.
ولأنّ أصل تشريع الصلح أنّما هو لحسم مادّة النزاع وإنْ لم تشترط صحّته بسبقه بالإجماع. فمقتضى الحكمة سدُّ هذا الباب تحصيلاً لهذا الداعي.
ولهذا صرّح شيخنا المرتضى قدسسره في الصلح على ما يتعذّر تسليمه بأنّ الدائر على ألسنة الأصحاب نفي الغرر من غير اختصاصٍ بالبيع ، حتى إنّهم يستدلّون به في غير المعاوضات ، بل قد يرسل في كلماتهم عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه نهى عن الغرر (١).
وفي مسألة العلم بالثمن بعد نقله عن ( السرائر ) في البيع بحكم المشتري إبطاله بأن كلّ مبيع لم يُذكر فيه الثمن فإنّه باطلٌ بلا خلاف بين المسلمين بأنَّ الأصل في ذلك حديث نفي الغرر المشهور بين المسلمين (٢).
وفي مسألة العلم بالمثمن وأنّه شرطٌ ، عن ( الغنية ) : ( العقدُ على المجهول باطلٌ بلا خلاف ) (٣).
وهو كما ترى صريحٌ في عدم الخصوصيّة للبيع في ذلك ، وأنَّ المدار إنّما هو على نفي الغرر مطلقاً. وهو لما في ( الجواهر ) مناوٍ منافٍ. خرج الصلح على المجهول الصرْف الممتنع معرفة قدره مطلقاً بالنصّ والإجماع ، فبقي الباقي على الفساد بلا
__________________
(١) المكاسب ٢ : ١٢٤ ١٢٥.
(٢) المكاسب ٢ : ١٣٨.
(٣) المكاسب ٢ : ١٣٩ ، الغنية ( ضمن سلسلة الينابيع الفقهية ) ١٣ : ٢٠٥.