وجهه أنّه إذا شكّ في الثنائيّة بين الواحدة والاثنتين فإنْ أتى بالمشكوك فيه احتمل الزيادة ، وإنْ لم يأتِ به احتمل النقيصة ، فلم يتيقّن الفراغ على كلا التقديرين ، مع أنّ التكليف إنّما تعلّق بالصلاة على ما هي عليه ، فيقتضي الإتيان بها على هذا الوجه.
وفي صورة الشكّ لا يمكن ذلك فتكون باطلة ، وهو كلام مجمل لا بدّ من تحليله بأن يقال : إنّ الحكم بعدم البراءة ؛ إمّا لأنّ الشبهة موضوعيّة ولا أصل هنا يحرز الموضوع ، أو لأنّها حكميّة ومقتضاها وجوب الاحتياط.
فإنْ كان الأوّل ، فلا ريب أنّ مقتضى الأُصول الموضوعيّة الصحّة ؛ لتعلّق الشكّ بتحقّق الزائد على القدر المتيقّن ، ولا ريب في أنّ الأصل عدم ما يشكّ في وجوده وعدمه ، سواءً سمّي بأصل العدم ، أو الاستصحاب ، أو أصل الصحّة ، أو غيرها ، فلا يقال : إنّه أصل مثبت ؛ لأنّ المقصود به إثبات كون المأتي به ركعة واحدة ، وذلك المجدي مجرّد نفي الزائد بالأصل مع قطع النظر عن أمر آخر.
وإنْ كان الثاني ، فله وجه ، وكأنّه المراد ؛ لأنّ التمسّك بقاعدة الشغل هنا محكيٌّ عن العلّامة رحمهالله (١) ، وهو أجلّ من أن يريد الأوّل. فالظاهر حينئذ كون المراد به احتمال اشتراط الشارع في صحّة الأُوليين وأقوالهما وأفعالهما حفظ عددهما وتيقّنه ، فمتى شكّ في كون المأتيّ به ركعة أو ركعتين لم يصحّ له الإتيان بشيء من الأفعال والأقوال. فكلّ ما يؤتى به في حال الشكّ خارج عن الصلاة وزائد عليها ، فإذا شكّ في كون ذلك شرطاً كان شكّاً في شرطيّة شيء في الصلاة وعدمها.
وفي المسألة قولان : قول بالبراءة وقول بالاحتياط ، فيكون التمسّك بقاعدة الشغل مبنيّاً على القول بالاحتياط.
وما يقال من أنّ ذلك لو كان شرطاً في صحّة الأُوليين لبطلت الصلاة بمجرّد عروض الشك فيهما وإنْ تيقّن بعد الشكّ لفوات الشرط ، وهو تيقّن عدد الاوليَيْن.
فيه : أنّ الحفظ واليقين ليسا [ شرطين (٢) ] لأكوان الصلاة كالطهارة والاستقبال ؛
__________________
(١) نهاية الإحكام ١ : ٥٤٠.
(٢) في المخطوط : ( شرطاً ).