ومورد الصحيحة اشتراك رجلين في قتل صيدٍ حرمي ، فذمّة كلٍّ منهما مشتغلة بالكفّارة ، لكن لم يعلما : هل هي كفّارة واحدة عن الكلّ ، أو على كلّ واحد كفّارة؟.
ولا يخفى على ذي تحصيل أنّ المتنازع فيه ليس من هذا القبيل ، ولا انسلاك له في سلك هذا السبيل ، إذ موردها الشكّ في الحكم الشرعي مع التمكّن من العلم والامتثال التفصيلي ؛ لقوله عليهالسلام : « إذا أصبتم بمثل هذا فلم تدروا فعليكم بالاحتياط ، حتى تسألوا وتعلموا » ، مع أنّ ظاهرها الاحتياط بالكفّ عن العمل ، والتوقّف عن الإفتاء حتّى يسأل. وأين هذا المقام ممّا نحن فيه ، كما لا يخفى على نبيه؟!.
وما ورد من الأخبار مطلقاً في الأمر بالاحتياط ، كقوله عليهالسلام : « أخوك دينك فاحتط لدينك » (١) و « دع ما يريبك » (٢).
فما فيها من الإجمال أوجب حملها على المبيّن بلا إشكال.
فعُلِمَ أنّ مقتضى هذين الصحيحين وغيرهما من الأخبار أنّ المصير إلى الاحتياط أنّما يجب إذا لم يترجّح في نظر الفقيه أحد القولين ولهذا يُفتي بخلاف الاحتياط ، ولو وجب مطلقاً لما ساغ له التعدّي عمّا فيه الاحتياط إلى غيره مطلقاً. هذا ، مع قضاء البداهة بأنّ أُولئك الأبرار عارفون بمواقع الاحتياط ، مطّلعون على القواعد الفقهيّة ، فلو عرفوا مدخلاً للاحتياط لَما جازوا سواء ذلك الصراط.
فانْ قيل : إنّ ما نحن فيه مندرج تحت هذين الأصلين ، وجزئي من جزئيات ذينك الكليّين.
أمّا الأوّل ؛ فلأنّ ما دلّ بإطلاقه على الجهر بالبسملة معارض بما دلّ بإطلاقه على وجوب الإخفات في الأخيرتين.
وأمّا الثاني ؛ فلأنّ شغل الذمّة بالصلاة الصحيحة معلومٌ ، فيتوقّف يقين الفراغ منها على المصحّح المعلوم ، وهو بالنسبة للإخفات معدوم.
__________________
(١) أمالي الطوسي : ١١٠ / ١٦٨.
(٢) الذكرى : ١٣٨ ، الوسائل ٢٧ : ١٧٣ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١٢ ، ح ٦٣.