ذهب العلّامة في المنتهى (١) إلى صدق الماء عليه حقيقة ؛ نظرا إلى أن الجمود لا يخرجه عن حقيقته ، بل تأكّدها (٢) لما فيه من غلبة البرودة التي هي من آثار طبيعة المائيّة ، فقوّة آثار الطبيعة إن لم يوجب تقويتها فلا (٣) يصير سببا لضعفها أو رفعها ، ولذا قال بعدم انفعاله بمجرّد الملاقاة إذا كان كثيرا ، لكنه لم يقل بنجاسة جميعه مع القلّة ؛ إذ سراية النجاسة فرع الميعان دون القلّة.
والظاهر أنه لا يقول بجواز التطهير به عن الحدث أو الخبث لكونه فرع الجريان ، ولا يحصل به.
وكيف كان ، فالنظر في الإطلاقات العرفية يدفع ما ذكره ، وغاية (٤) ما ذكره (٥) في التقريب بقاء الحقيقة العقلية (٦) ، وهو لا يقتضي بقاء الحقيقة الاسمية التي هي المناط في الأحكام المذكورة للماء ؛ مضافا إلى إخراجه عن الميعان الذي هو أحد آثار الطبيعة أيضا.
وقد يصدق مع ضمّ غير تلك الحقيقة إليها فيصدق على المركّب منها ومن غيرها كما في المخلوط بغير السالب للاسم ، مع أن قضية الأصل حينئذ عدم صحة الإطلاق إلّا على نحو المجاز والتسامح العرفي الذي ليس مناطا للحكم (٧).
وحينئذ إما أن يقال بكون الاستعمالات المذكورة من قبيل التسامحات العرفية إلّا أنه قام الإجماع على اعتبارها على خلاف الأصل في خصوص المقام أو يقال بكون وضعه على النحو الأعم وضعا أوّليا أو ثانويا من جهة الغلبة.
والنظر في الاستعمالات يدفع الأول ؛ إذ الظاهر عدم التأمل في كون إطلاقه على المختلط
__________________
(١) منتهى المطلب ١ / ٤ من الطبعة الحجرية.
(٢) في ( د ) : « يأكّدها ».
(٣) في ( د ) : « لا » ، بدلا من : « فلا ».
(٤) في ( د ) : « بيانه » ، بدلا من : « غاية ».
(٥) في ( د ) : « ذكر ».
(٦) في ( د ) : « الفعليّة » ، بدلا من : « العقليّة ».
(٧) في ( د ) : « للحكم الشرعي ».