قولهم : الاحتياط ليس بدليل شرعيّ ، على إطلاقه ممنوع ؛ لما عرفت في المقدمة الرابعة من أن الاحتياط في مثل هذه الصورة من الأدلّة الشرعيّة. انتهى.
ويرد عليه ، أمّا أوّلا : فبأنّ ما ذكره من وجوب الاحتياط في المقام فاسد ، بل مقتضى الأصل والعموم هو المتّبع حتى يقوم دليل على تنجسه بملاقاة النجاسة حسبما مرّ الكلام فيه.
وتفصيل الكلام في ذلك في الأصول.
وأمّا ثانياً : فبأنّ أخذ العلم في المنطوق والمفهوم غير متّجه في المقام لإناطة الحكم في الرواية بالواقع دون العلم. وقد ذكر في الحاشية في وجه التّقييد به أنّ مناط الحكم بالطهارة والنجاسة هو علم المكلّف به لا مجرّد كونه كذلك في الواقع. وأحال ذلك إلى ما قرّرنا في مقدّمات الكتاب من بيان ذلك.
ويدفعه أنّ ما أنيط به الحكم المذكور هو العلم الشرعيّ سيّما بالنسبة إلى ما نحن فيه حيث إنّ الكلام في ثبوت الحكم الشرعي دون موضوعه. ومن البيّن أنّ العلم القطعي غير معتبر في المقام وإلّا لما اكتفى في الحكم بتنجّس الماء بملاقاة ما دلّ الدليل الشرعي على نجاسة من النجاسات العينيّة أو المتنجسات إذا لم يفد العلم القطعي بنجاسة الواقعي. وهو فاسد عنده قطعا بل الظاهر أنّه لا خلاف فيه أصلا فكذا الحال في المقام.
وقد عرفت قضاء الأصل والعمومات بطهارة الماء المفروض بعد ملاقاة النجاسة ، فيكون كرّا ؛ إذ ليس المراد به إلّا ما يقتضي عصمة الماء من الانفعال بالملاقاة.
وأمّا ثالثاً : فبان قضيّة ما ذكره أخذ العلم في مفهوم النجاسة دون الطهارة ، فلا وجه لاعتبار التقييد المذكور في جانب الطهارة أيضا ؛ فإنّ النجس ـ بناء على ما قرّره ـ هو ما علم نجاسته ، والطاهر ما لم (١) يعلم نجاسته. وقضية ذلك الحكم بالطهارة في المقام.
ثمّ إنّ ما يستفاد من كلام السيّد (٢) من دلالة الروايات عليه فممّا لا نقف (٣) عليه في الروايات
__________________
(١) في ( ب ) : « والظاهر ما لم » ، ولا توجد « لم » في ( ألف ).
(٢) الانتصار : ٨٥.
(٣) في ( د ) : « لم يقف » ، بدل : « لا نقف ».