ومن تصريح (١) الأئمّة الثلاثة وغيرهم ـ قدّس الله أرواحهم ـ بأنّهم أخذوا أحاديث كتبهم من تلك الاصول المجمع على صحّتها أو بأنّ كلّها صحيح.
لما وقعوا (٢) في هذه الشبهات. والله أعلم بحقائق الامور *.
______________________________________________________
ولم يوضح المصنّف طريقا إلى استعلام الأحكام لكلّ مكلّف يستغني معها عن الاجتهاد والتقليد. ونهاية المفهوم من كلامه صحّة جميع ما في الكتب الأربعة من الأحاديث وأنّها وافية بأحكام الله ، فيلزم على قوله أنّ كلّ من فهم منها حديثا يعمل به حيث لم يكن له قدرة على غير ذلك من معرفة تقيّة أو مخالفة لما هو المعلوم ضرورة خلاف مدلوله ، وكذلك لغيره أن يعمل بضدّ ذلك الحديث المنافي ، وله نفسه أن يعمل به في وقت آخر ، لأنّها كلّها صحيحة ، وليس من قدرته ـ كما هو الفرض ـ تمييز شيء منها ولا ترجيحه ، ولا مجتهد يرجع إليه في ذلك ، بل لا يجب عليه الاستفهام والسؤال إذا تعذّر ذلك أو لم يتعذّر ، لأنّ المفهوم من اعتقاد المصنّف أنّه لا يحتاج الأمر إلى شيء من ذلك ، لسهولة التناول من الأحاديث لكلّ أحد. وهذا هو الموافق بالاستغناء عن الاجتهاد والتقليد على مقتضى قوله.
* قد تكرّر دعوى المصنّف أنّ الاصول المشهورة كلّها كانت صحيحة مقطوعة الثبوت عن الأئمّة عليهمالسلام وأنّ الأئمّة الثلاثة أخذوا ما ألّفوه منها وأنّهم اعترفوا بصحّة كلّ ما دوّنوه ، لأنّه مأخوذ منها. وكلّ من الدعويين غير ظاهر.
أمّا الاولى : فإنّها لو كانت تلك الاصول كما يزعم المصنّف أنّها كتبت بأمر الأئمّة وبين أيديهم عليهمالسلام لم يجز فيها الاختلاف والتضادّ ولا تدوين أحاديث التقيّة فيها ، لأنّ غاية حفظها وكتابتها لأجل عدم وقوع الشيعة في الخطأ وارتكاب غير الحقّ كما فعله المخالفون ، خصوصا وهم عليهمالسلام يعلمون أنّ الشيعة في حال الغيبة ليس لهم سبيل إلى علم الصحيح والموافق للمذهب مع الاختلاف ، فكيف يجوّزون لأصحابهم كتابة ما فيه الاختلاف والتقيّة من دون تنبيه على الموافق بالمذهب منه؟ وأيّ فائدة وضرورة لتدوين أحاديث التقيّة في كلّ تلك الأصول؟ وهلّا كانت تلك الاصول الّتي كتبت بين أيديهم عليهمالسلام منزّهة عن الاختلاف وأحاديث التقيّة؟ لأنّ
__________________
(١) عطف على قوله : ومن أنّ ... ومن أنّ ... ومن أنّ ... في الصفحة السابقة.
(٢) جواب لقوله : لو لم يذهلوا عمّا استفدنا ....