والتابعون (١) يكتبون الاَحاديث ، انّما كانوا يودوّنها لفظاً ويأخذونها حفظاً ، إلاّ كتاب الصدقات ، والشيء اليسير الذي يقف عليه الباحث بعد الاستقصاء ، حتّى خيف عليه الدروس واسرع في العلماء الموت أمر عمر بن عبد العزيز ( الذي تولّى سنة ٩٩ ومات سنة ١٠١ ) أبا بكر بن ( محمّد الانصاري ) حزم : أن أنظر ما كان من حديث رسول الله أو سننه فاكتبه لي ، فانّي خفت دروس العلم وذهاب العلماء (٢). وأوصاه أن يكتب ما عند عمرة بنت عبد الرحمن...
لكن لا دليل على انّ ابن حزم فعل شيئاً أم لا؟ بل استظهر بعضهم انّه انصرف عن كتابة الحديث لما عاجلت المنية عمر بن عبد العزيز ، ثم عزله يزيد بن عبد الملك عن امرة المدينة وقضائها.
ثم انّ هشام بن عبد الملك في ولايته ( سنة ١٠٥ هـ ) طلب من محمّد بن مسلم بن شهاب الزهري ، بل قيل انّه أكرهه على تدوين الحديث ، وعلى كلّ لم يعتبر عصر بني أُميّة عصر تصنيف منسق ، لانّهم لم يجدوا من آثار هذا العصر كتباً جامعة مبوبة ، وما صنعوه انّما هو مجموعات تضم الحديث والفقه والنحو واللغة والخبر وغيره ، ولا تحمل علماً واجداً.
وعن الغزالي في احياء العلوم : بل الكتب والتصانيف محدثة لم يكن شيء منهما في زمن الصحابة وصدر التابعين ، وانّما حدث بعد سنة ١٢٠ هـ...
وانّما ازدهر التدوين في العصر العباسي بتشويق من المنصور
__________________
(١) قيل آخر عصر التابعين هو حدود الخمسين ومائة. والحد الفاصل بين المتقدّم والمتأخّر هو رأس سنة ٣٠٠.
(٢) صحيح البخاري ١ : ٤٩ كتاب العلم باب كيف يقبض العلم.