قلنا : أولا
دعوى الغلبة ممنوعة ، لأن العلم بعدم الشيء واقعا غالبا متعسر ، لابتنائه على
الإحاطة بجميع أسباب وجوده الخفية والقطع بانتفائها أجمع ، سواء كان ذلك الشيء
فعل نفسه أو فعل غيره.
وثانيا : ان
الغلبة المزبورة ليست بحيث يكون صورة عدم العلم بفعل النفس معها مسكوتا عنها في
كلامهم ، كيف مع أنا لو لم نقل بأكثرية هذه الصورة بالنسبة إلى صورة العلم أو
مساواتها لها فلا أقل من كثرتها في نفسها بحيث يبعد خروجها عن كلامهم ، فاما أن
يقال انها داخلة تحت إطلاق قولهم باعتبار البت في اليمين ، أو يقال انها مهملة
مسكوت عنها في كلامهم ، أو يقال ان حكمها حكم الدعوى المتعلقة بفعل الغير ، وكلها
كما ترى.
وثالثا : ان
موضوع المسألتين الخلافيتين وموضوع المسألة الاتفاقية واحد كما لا يخفى ، ولا ريب
أنه لا يمكن أن يجعل مفروض كلامهم في المسألتين الخلافيتين كون المدعى عليه عالما
بالواقع ، بأن يكون إنكاره متوجها الى الواقع ، لان يمين العالم لا بد أن تكون على
نحو البت باعتراف الخصم وباتفاق الكل إذا كانت الدعوى غير متعلقة بفعل الغير ، فلا
بد أن يجعل موضوع المسألة مطلق المدعى عليه ، سواء كان عالما بالواقع أو جاهلا.
وبالجملة من
راجع كلماتهم في تقسيم اليمين على قسمين على أنهم حيثما يقولون باعتبار البت في
اليمين لا يشترطون فيه علم المدعى عليه بالحال ، وعلم أيضا أن خلاف العامة مع
الأصحاب وفيما بينهم ـ حيث ذهب بعضهم الى كون اليمين دائما على البت سواء تعلقت
بفعل النفس أو بفعل الغير وبعضهم إلى أنها دائما على نفي العلم كذلك ـ ليس مقصورا
بصورة علم المدعى عليه أو جهله بل مطلق شامل للصورتين.
وثمرته ما
أشرنا من أن اليمين حيثما كانت على البت وتعذرت لجهل المدعى