ويمكن أن لا يكون المتحقّق شيئا منهما ، وكان الدليل من باب التنظير ويكون المراد :أنّه لا استبعاد في نقص المقدّر مع الاجتماع ؛ فإنّه ليس أبعد من جمع المختلف وتفريق المتّفق.
قوله : فجاز إضعاف ماء المطر.
قد يتوهّم أنّ هذا التفريع ليس في محلّه ؛ لأنّ الحاجة إلى التمسك بالبناء على جمع المختلف وتفريق المتّفق إنّما هو إذا لم يكن هناك شيء يوجب تجويز النقصان في المقدّر ، وأمّا معه فلا يكون فيه استبعاد ولا جمع للمختلف أو تفريق للمتفق ؛ ولذا جعل بعضهم تجويز الإضعاف وجها آخر لعدم المنافاة.
وفيه : أنّ ما دار في ألسنة الفقهاء من أنّ بناء أحكام الشرع على جمع المختلف أو تفريق المتّفق ليس معناه أنّ بناءها على جمع ما يجزم العقل باختلافه ، أو تفريق ما يجزم باتّفاقه ، فإنّه غير جائز عندهم ، بل معناه أنّ بناءها على جمع ما يظن اختلافه وتفريق ما يظنّ اتّفاقه مع تجويز العقل الجمع والتفريق لوجه مجوّز مدرك أو غير مدرك.
وعلى هذا فلا بدّ أن يكون الأمر فيما نحن فيه كذلك أيضا ، ولا يكون ممّا يحرز العقل بعدم نقصان المقدر ، فيصحّ التفريع ويكون تفريعا على قوله : « لأنّ مبنى حكم » إلى آخره ويكون المعنى : أنّه إذا جاز جمع المختلف وتفريق المتّفق لجواز حكمة لا نعلمها ، فلا استبعاد في النقص عن مقدر المنفرد هنا أيضا لجواز إضعاف ماء المطر لحكمه ، أو يكون المعنى : وإذا جاز إيجاب الحكمة الحقيقة لجمع المختلف أو تفريق المجتمع ، فجاز إضعاف ماء المطر لحكمه.
قوله : وإن لم تذهب إلى آخره.
الفرد الظاهر هو إضعاف ماء المطر لحكمه مع ذهاب أعيان هذه الأشياء واستهلاكها فذكر هذا الكلام للتنبيه على أنّ إضعاف الحكم مع وجود هذه الأشياء أيضا يجوز ، وللردّ على من دفع المنافاة بحمل وجوب الثلاثين على صورة استهلاك اعيان هذه الاشياء في ماء المطر.
قوله : ولو خالطه أحدها.
أي : خالط ماء المطر أحد تلك المذكورات كفت الثلاثون لو لم يكن لذلك الأحد مقدّر