هذا إذا كان قوله : « المانع من الصلاة ». صفة للأثر ، وأمّا إذا جعل صفة لأحد الأسباب فيكون قوله : « المتوقّف رفعه » احترازا عمّا ذكر وعن جميع الخواص والآثار الحاصلة عند عروض أحد الأسباب كاللذة عند خروج المني ، والحرقة عند خروج الحيض ، والخفة عند خروج الغائط وغيرها.
قوله : بالتغيّر بالنجاسة.
« الباء » للسببيّة أي : التغيّر الحاصل بسبب وقوع النجاسة. والمراد : التغيّر الحاصل بسبب وقوعها فيه ؛ لأنّ تغيّر رائحة الماء بمجاورة النجاسة ومرور رائحتها غير منجّس للماء إجماعا.
وقد يجعل « الباء » للمصاحبة للاحتراز عن هذا التغيّر.
ويرد عليه حينئذ : التغيّر بغير أوصاف النجاسة مع مصاحبة الماء لها ، إلّا أن يقال : إنّ معنى التغيّر بمصاحبة النجاسة التغيّر المتّصف بكونه حاصلا بمصاحبتها ، وتعليق الشيء بالوصف يشعر بعلّيّة الوصف ، فيفهم منه التغيّر بأوصاف النجاسة ؛ لأنّ التغيّر المعلول لمصاحبة النجاسة ليس إلّا التغيّر بأوصافها.
قوله : واحترز بتغيّره بالنجاسة إلى آخره.
قيل : قوله هذا صريح في أنّ الماء القليل غير داخل تحت الإطلاق المذكور بقوله : « وينجس الماء مطلقا » ؛ لأنّ الماء القليل ينجس بمجرّد ملاقاة المتنجس ، فضلا عن التغيّر به.
أقول : هذا سهو فاحش ، وتوضيحه : أنّ لنجاسة الماء أسبابا مختلفة بعضها يجري في جميع أنواع الماء كالتغيّر بالنجاسة ، وبعضها تختص ببعضها كالملاقاة. ومراد المصنّف هاهنا هو بيان السبب الأوّل. ومراد الشارح : أنّ تأثير هذا السبب إنّما هو إذا كان التغيّر بالنجاسة ، دون المتنجّس ، فإذا تغيّر الماء مطلقا قليلا كان أم كثيرا بالمتنجّس لم ينجّس بسبب التغيّر ، ولا يكون هذا التغيّر سببا للنجاسة ، وإن كان الملاقاة حينئذ سببا في بعض الأفراد ، وهذا سبب آخر غير التغيّر.
وقول الشارح : « فإنّه لا ينجس بذلك » ـ أي : بالتغيّر بالمتنجّس ـ إشارة إلى هذا أي : لا ينجس الماء حينئذ بالتغيّر الذي هو أحد السببين وإن نجس بسبب آخر الذي هو الملاقاة ، فافهم.