لم يضرنا شيئا ولم ينفعهم لكن مطلب العامة هنا فاسد خبيث لأنهم جعلوه دليلا على حجية كل ظن ، ومعلوم ان أسباب الظن كثيرة جدا ليس على حجية شيء منها دليل يعتد به غير هذا النوع لو سلم كونه ظنيا حتى انتهى حال العامة وبعض المتأخرين من أصحابنا الى أن قالوا في عدة مواضع في الاستدلال على المدارك الظنية لنا انه مفيد للظن فيجب العمل به ولا يخفى عليك ما في هذا الاستدلال من القصور والتسامح
الثالث العشرون : انه يلزم مما ذكره هذا القائل ومن أدلته أن لا يحصل العلم لنا بأن الكليني والصدوق والمفيد والشيخ والمرتضى والمحقق والعلامة والشهيدان وأمثالهم من الشيعة ولا من المسلمين وانما يحصل لنا الظن من هذا النقل سندا ودلالة وكذا علماء السنة المشهورون وذلك باطل بالضرورة فهذه جملة من الأجوبة الإجمالية عن تلك الشبهات ، وأما التفصيلية فنقول : استدل هذا القائل على ظنية الأخبار بوجوه.
أحدها : ما ملخصه انهم (ع) علموا ان في الناس قويا وضعيفا فاحتاجوا الى وضع قانون فيه رعاية حال الكل فلا بد من استعارات ومجازات وأنحاء من المعاني بعض للعوام وبعض للخواص ، وأيضا أرادوا إصلاح الناس بالتدريج ومداواتهم من الجهل بما يوافق عقولهم.
والجواب : أما أولا ـ فبالمنع من ذلك التفاوت بالنسبة إلى أصول الاعتقادات والواجبات والمحرمات فان القدر المشترك من العقل والفهم بين المكلفين كاف في ذلك نعم التفاوت موجود بالنسبة إلى معرفة باقي العلوم كالمندوبات والمكروهات وتفسير القرآن وفهم المعاني الدقيقة والأدلة المتعددة وذلك غير محل النزاع. وأما ثانيا : فلان القانون الذي فيه رعاية حال الكل ينبغي ان يفيد الكل العلم لان ذلك ممكن لله وللنبي وللأئمة (ع) ومقدور لهم.
وأما ثالثا : فلان تعدد الأدلة مع اتحاد المدلول هو مقتضى ذلك القانون فكون بعض الأدلة ظنيا عند البعض قطعيا عند الباقي لا يستلزم ظنية المدلول ألا ترى ان