الظن مجمل يحتاج الى التفصيل ويبقى واسطة وهي ما يفيد العلم من جهة والظن من جهة فإن الخبر المحفوف بالقرائن قد يفيد العلم بان مضمونه حكم الله في الواقع والظن بصدوره عن المعصوم لاحتمال كونه كذبا موضوعا موافقا للحق وذلك إذا كان موافقا لمحكمات القرآن والمتواتر من الاخبار كوجوب الصلاة وقد يكون بالعكس فيفيد العلم بثبوته عن المعصوم والظن بكون مضمونه حكم الله في الواقع كالخبر المحفوف بجملة من القرائن السابقة مع احتماله للتقية ونحوها.
وقد يكون سنده قطعيا ودلالته ظنية وقد يكون بالعكس وقد يكون سنده ودلالته ظنيتين ووجوب العمل به قطعيا وفي جميع هذه الأقسام مذهب المتقدمين من الإمامية والأخباريين من المتأخرين الى ان مناط العمل العلم لا الظن ومذهب العامة المخالفين لأئمتنا (ع) وبعض الأصوليين من الإمامية ان مناط العمل الظن مع انه لا دليل على جوازه بل الدليل قائم على المنع كما مضى ويأتي.
الثاني والعشرون : انه قد تواتر النهى عن العمل بالظن في الكتاب والسنة ودل الدليل العقلي على المنع منه أيضا وهو كثير جدا ليس هذا محل جمعه ومعلوم انه لو جاز العمل بالظن لزم الفساد العظيم بل لزم صحة جميع المذاهب الفاسدة وحقية جميع الاعتقادات الباطلة لأن كل أحد له ظن بصحة اعتقاده وكل مذهب له دليل ظني ، اما عقلي أو نقلي من متشابهات الكتاب والسنة ( فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ ) وقد تواتر الأمر بطلب العلم والعمل به في الكتاب والسنة وقد تواتر الأمر بالعمل بأحاديث الكتب المعتمدة وأحاديث الثقات ، فاما أن يكون ذلك مفيدا للعلم وهو المطلوب ، واما ان يكون مفيدا للظن ونحن مأمورون بالعمل به فيكون مستثنى من الظن المنهي عنه فلو سلمنا كونه ظنا يجب العمل به صار النزاع لفظيا لا يترتب عليه شيء فلا ينبغي الإنكار والتشنيع على الأخباريين بذلك.
لكن قد عرفت بطلان القول بأن الجميع ظني فوجب القول بان بعضه قطعي وبعضه ظني أو بعضه قطعي من جهة ، ظني من جهة أخرى كما مر فلو سلمنا دعواهم