كلام المعاصر ملخصا محذوفا منه ما لا دخل له في الاستدلال أصلا.
ثم انه بعد ذلك أطال المقال في التشنيع الشنيع على من يعمل بالأحاديث ولا يعمل بالبراءة الأصلية ونسبهم الى الجهل والكذب والافتراء والتسامح والتساهل والخروج عن حكم العقل والنقل وتخريب الدين وترك الاحتياط والميل الى الكسل وغير ذلك مما لا فائدة في نقله ومقابلته بمثله.
وأقول : في الجواب والله الموفق للصواب. قوله : أوردت شبهة.
أقول : هذا الذي سماه شبهة لا شبهة فيه كما يأتي تحريره وتقريره ان شاء الله على ان الذي لا يعتقد حجية البراءة الأصلية لا يحتاج الى دليل لأنه ناف لا مثبت ومنكر لا مدع والشبهة كافية هنا فإنه ما لم يتحقق حجية البراءة الأصلية كيف يجوز الجزم بحجيتها وضعف دليل الحجية وفساده كاف ، فكيف والأدلة العقلية والنقلية على نفى الحجية البراءة الأصلية كثيرة جدا يأتي الإشارة إلى بعضها ان شاء الله.
وانما يطلب الدليل من المدّعى المثبت لا من المنكر النافي كما صرّح به المحققون في محله وجزم به أكثرهم والقول بخلافه لا يخفى ضعفه وضعف دليله.
قوله : في كون البراءة الأصلية لا يصلح الاحتجاج بها.
أقول : ظاهره ان الاحتجاج بها جائز ولم يصرّح فيه بالوجوب وكذا غيره من الأصوليين وذلك ان مخالفتها والعمل بالاحتياط راجح قطعا وانما الخلاف في وجوب مخالفتها واستحبابه فالمعاصر لا ينكر الاستحباب لكن يظهر منه في آخر الكلام التشنيع على من يترك العمل بها لا بمجرد ترك العمل بها بل لعمله بأحاديث ضعيفة عنده ، وكفى بهذا ضعفا لحجية البراءة الأصلية حيث انها دائما مخالفة للاحتياط والعمل بالاحتياط راجح اتفاقا وانما الخلاف في وجوبه واستحبابه.
واعلم ان كلام المعاصر وغيره هنا مجمل يحتاج الى التفصيل لتحقق محل النزاع ونحن نفصل ونقول الأصل يطلق على معان ويستدل به في مواضع اثنى عشر :
الأول : نفى الوجوب في فعل وجودي الى ان يثبت دليله.