حتّى يلقى من يخبره فهو في سعة حتّى يلقاه » (١) : قال الكليني : وفي رواية أُخرى « بأيّهما أخذت من باب التسليم وسعك » (٢) أقول : وجه الجمع حمل الأوّل على الماليات والثاني على العبادات المحضة ، لما يظهر من موضوع الأحاديث ، أو تخصيص التخيير بأحاديث المندوبات والمكروهات لما يأتي من حديث الرضا عليهالسلام المنقول في عيون الأخبار (٣).
ثمّ إنّه سرد باقي الروايات ، ومنها رواية العيون إلى أن وصل إلى مكاتبة الحميري الواردة في التكبير المشتملة على قوله عليهالسلام : « وبأيّهما أخذت من باب التسليم كان صواباً » قال : أقول يفهم من هذا ومن حديث عمر بن حنظلة وجه الجمع بين التوقّف والتخيير ، وقد ذكرناه ، والله أعلم. على أنّ الاختلاف من غير وجود مرجّح منصوص أصلاً لا وجود له في أحاديثهم عليهمالسلام إلاّنادراً كما ذكره الطبرسي في الاحتجاج وغيره (٤).
قلت : وهو إنّما يكون كذلك فيما لو كان التعارض على نحو التباين ، فإنّه غالباً يكون مقروناً بأحد المرجّحات ، وإن شئت فقل بأحد مميّزات الحجّة عن غيرها مثل موافقة الشهرة ومخالفة العامّة ، ولا أقل من الموهن الأعظم وهو إعراض المشهور ، وحينئذ فلا يظهر أثر مهم عملي بين القول بالتخيير والقول بالتوقّف الذي عرفت أنّ مرجعه إلى التساقط ، أمّا تعارض العموم من وجه فهو وإن كان كثيراً إلاّ أنّه ليس المرجع فيه هو الترجيح المذكور أو التخيير ، بل يتعيّن
__________________
(١) وسائل الشيعة ٢٧ : ١٠٨ / أبواب صفات القاضي ب ٩ ح ٥.
(٢) وسائل الشيعة ٢٧ : ١٠٨ و ١٠٩ / أبواب صفات القاضي ب ٩ ح ٦.
(٣) وسائل الشيعة ٢٧ : ١٠٨ و ١٠٩ / أبواب صفات القاضي ب ٩ ح ٦.
(٤) وسائل الشيعة ٢٧ : ١٢١ / أبواب صفات القاضي ب ٩ ذيل ح ٣٩.