من أنكره أو توقّف فيه يكون منكرا لضرورة الدين كافرا ، وإن كان من عوام المسلمين ، وأين هذا من دلالة الآية الّتي لا تكون حجّة عند الأخباريين؟!
وأمّا المجتهدون ، فعندهم أنّ دلالة الألفاظ كلّها ظنّية ، وأنّ القرآن ظنّي الدلالة ، ومع ذلك عرفت أنّ النهي لا يقتضي الفساد ، كما عليه المجتهدون والفقهاء إلّا نادر منهم.
وعرفت غاية وضوح دليل المعظم ، وأنّ الحقّ معهم بلا شبهة.
وثانيا : كون عبارة الحديث عين عبارة القرآن فيه ما فيه ، إذ لم يذكر في القرآن علّة لتحريم الجمع بين الأختين ، وذكر في الحديث أنّ علّة الحرمة الشاقيّة على فاطمة عليهاالسلام ، ليس نفس العقد ، ولا جزؤه بالبديهة ، بل أمر خارج عنه بلا ريبة.
فقياسه بالآية قياس مع الفارق ، بل مع الفوارق ، لما عرفت وستعرف.
وثالثا : عرفت أنّ حمل التزويج في الحديث على الفاسد منه ممّا لا يستقيم ، ولا يتلائم ظاهر أجزائه ، بخلاف الآية.
ورابعا : إنّ القياس ليس بحديث ، بل حرام عند الشيعة بالضرورة ، وكونه حراما ضروريّ مذهب أهل البيت.
فهذا أيضا حرام آخر يزيد على ما مرّ من المحرّمات والشنائع.
وخامسا : إنّ هذا القياس ممّا يتبرّأ عنه أهل السنّة ، فضلا عن الشيعة ، إذ ما يقولون : إنّ الأمر في حديث كذا نحمله على الاستحباب ، لقوله تعالى : ( فَكاتِبُوهُمْ ) (١) وغيره ممّا ورد في استحباب شيء أو الإباحة ، لقوله تعالى : ( فَانْتَشِرُوا ) (٢) ، أو التهديد أو غير ذلك.
__________________
(١) النور (٤) : ٣٣.
(٢) الأحزاب (٣٣) : ٥٣.