على الترك ، بل الذي ادّعيناه أنّ ترك الواجب يستلزم الذّم ، ويلزم من العلم بانتفاء اللازم انتفاء الملزوم.
قوله : لا نسلّم انتفاء الأمرين عن الترك. قلنا : قد بيّنا أنّ ذلك معلوم بالإجماع.
قوله : نمنع هذا فانّ المجمع عليه عدم الذّم على الترك المعجّل ، لا على الترك دائما. قلنا : قد ثبت جواز الترك غير موقّت إلّا في وقت الصلاة ، وإيقاعه هناك دلّ على عدم الذمّ دائما ، لأنّه حيث أوقعه هناك لم يوقعه إلّا وصلة إلى الصلاة ، والوجوب الأوّل ليس لأنّه وصلة إلى الصلاة ، فيكون ذلك الوجوب الأوّل غير واقع أصلا.
ثمّ نقول : تركه النبيّ صلىاللهعليهوآله ولم يبيّن مدّة الترك ، ولم يحافظ عليه إلّا للصلاة أو ما دلّ الدليل على اشتراطه به ، فكان تركه سائغا إلّا عند وجوب ما يكون الغسل وصلة إليه.
قوله : هذا منقوض بالواجب الموسّع ، فإنّه لا يذمّ تاركه وهو موصوف بالوجوب في الحال. قلنا : الواجب الموسّع تتساوى الأوقات في وجوبه ، ويتحقّق الذمّ بإخلائها من فعله ، وليس كذلك ما نحن فيه ، فإنّه لم يثبت له ما يحصل الذمّ بالإخلال به بتقدير عدم وجوب ما هو وصلة إليه.
قوله : لم لا يجوز أن يكون كالكفّارات التي لا وقت لها مع تحقّق وجوبها في كلّ وقت. قلنا : وجوب الكفّارات منبسط على الأوقات حتّى يغلب على الظنّ التلف. علم ذلك باتّفاق الفقهاء وفتاواهم ، لأنّه لو لا ذلك لسقط الوجوب المستسلف لها ، ولا كذلك الغسل ، لأنّ وجوبه قد ينزّل على فعله في وقت الصلاة لها اقتصارا لتنزيل الأمر على المرّة الواحدة ، إذ لو وجب قبل وجوب ما هو وصلة إليه وبعد وجوب الصلاة لكان الأمر مقتضيا للتكرار.
فإن قيل : لم لا يجزي فعله للصلاة عن الوجوب الأصلي الذي ندّعيه؟.