المانع إنّما منع استنادا إلى ما يتمسّك به في النسخ فلو لم يستسلف صحّته لقال بما قلنا وسنبطله فيتحقّق الاتفاق أمّا عندنا فعلى كلّ حال وأمّا عند الخصم فعلى ذلك التقدير.
المسلك الخامس لهم : قالوا : المقتضي لملك البضع في صورة الدوام موجودة في صورة النزاع ، والعارض لا يصلح مانعا فيثبت ملك البضع في صورة النزاع ، وإنّما قلنا إنّ المقتضي لملك البضع في صورة الدوام موجود هنا ، لأنّ المقتضي لملك البضع هناك هو العقد المشتمل على الإيجاب والقبول الصادر من أهله في محله ، وإنّما قلنا إنّ الواقع عقد فلأنّ العقد مشتقّ من عقدت الحبل ، أو من عقد الضمير (٢١) وكلاهما ثابت فيه ، والإيجاب والقبول والأهليّة والمحليّة ثابتة أيضا ، لأنّا نتكلّم على هذا التقدير ، وإنّما قلنا إنّ ذلك هو المقتضي لملك البضع أمّا أوّلا فلقوله تعالى ( وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ ) (٢٢) فيجب أن يكون ابتغاء الإحصان ممكنا ، والإحصان هو التزوّج (٢٣) أحصن الرجل زوجته (٢٤) فهو محصن ، فلا يتحقّق إلّا مع ملك البضع. وأمّا ثانيا فلأنّ ملك البضع في صورة الدوام حادث فلا بدّ له من سبب ، ولا سبب ظاهر سوى الإيجاب والقبول الواقعين على الوصف المذكور فيجب إضافته إليهما ، وإلّا لزم تجدّد الحادث لا عن مؤثّر ، لا يقال لم لا يجوز أن يكون له سبب غير معلوم لنا. لأنّا نقول : هذا يسدّ باب العلم بالأسباب والمسبّبات ، إذ لا طريق إلى العلم بإسناد أثر إلى مؤثّر إلّا تجدّده عند تجدّده ووقوعه
__________________
(٢١) كذا في النسخ ولعلّ الصحيح : عقد الضفير ، والضفير حبل من الشعر المضفور أي المفتول.
(٢٢) سورة النساء : ٢٤.
(٢٣) في بعض النسخ : الزوج.
(٢٤) في بعض النسخ : لزوجته.