وأيضا فهذا الحديث معارض بأحاديث كثيرة : منها رواية عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : إذا زالت الشمس دخل وقت الظهر والعصر إلّا أن هذه قبل هذه ، ثمّ أنت في وقت منهما جميعا حتّى تغيب الشمس (٢٢). ورواية زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام : أحبّ الوقت إلى الله أوّله حين يدخل وقت الصلاة فصلّ الفريضة فإن لم تفعل فإنّك في وقت منهما (٢٣) حتى تغيب الشمس (٢٤). وخبر داود بن فرقد (٢٥) الذي تلوناه.
وعلى هذا التقدير فما ذكرناه أرجح. أمّا أوّلا فلكثرة الرواية. وأمّا ثانيا فلاشتهار عدالتهم وضبطهم. ووجه التأويل أن يحمل ما تضمّنته رواية الكرخي على وقت الفضل ، ويكون قوله : « إن كان تعمّد ذلك ليخالف الوقت والسنّة لم يقبل منه » أي قبولا تامّا. ويدل عليه اشتراطه في عدم القبول تعمّد المخالفة للسنّة. ولو خرج الوقت بمضيّ أربعة أقدام لم يكن ذلك شرطا.
وعلى هذا التأويل وإن اختلفت الروايات فهي ترجع إلى معنى واحد ، وهو أنّ وقت الفضيلة تارة يكون قدمين ، وتارة يزيد على ذلك ، وتكون الزيادة بحسب الأوقات ، لأنّ المعوّل على الظلّ الزائد على الظلّ الأوّل ، وهو يختلف بحسب الأزمان.
يشهد لذلك ما رواه يونس عن بعض رجاله عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سألته عما جاء في الحديث : أن صلّ الظهر إذا كانت الشمس قامة وقامتين ، وذراعا وذراعين ، وقدما وقدمين ، من هذا ومن هذا. [ فمتى هذا ] وكيف هذا؟ وقد
__________________
(٢٢) الفقيه ١ ـ ٢١٦ والتهذيب ٢ ـ ١٩ والاستبصار ١ ـ ٢٤٦ والكافي ٣ ـ ٢٧٦ إلى قوله : ( إلّا أن هذه قبل هذه ). والوسائل ٣ ـ ٩٢.
(٢٣) كذا في المصادر.
(٢٤) التهذيب ٢ ـ ٢٥ والاستبصار ١ ـ ٢٦١ والوسائل ٣ ـ ٨٧ وقد مرّ آنفا.
(٢٥) التهذيب ٢ ـ ٢٥ والاستبصار ١ ـ ٢٦١ والوسائل ٣ ـ ٩٢.