وهكذا كل قراءة خالفت المصحف المجتمع عليه .. وممن قال إن الآية منسوخة أيضا مالك بن أنس وسفيان بن سعيد وعبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي .. فأما من قال أنها ناسخة فقوله شاذ حدثنا جعفر بن مجاشع قال سمعت إبراهيم بن اسحاق الحربي يقول .. فيه وجه ذهب اليه قوم جعلوا التي في البقرة هي الناسخة والتي في المائدة هي المنسوخة يعني فحرموا كل نكاح مشركة كتابية أو غير كتابية [ قال أبو جعفر ] ومن الحجة لقائل هذا مما صح سنده مما حدثناه محمد بن ريان قال حدثنا محمد بن رمح قال أنبأنا الليث عن نافع أن عبد الله بن عمر .. كان اذا سئل عن نكاح المسلّم النصرانية أو اليهودية قال حرم الله المشركات على المسلمين ولا أعرف شيئا من الإشراك أعظم من أن تقول المرأة ربها عيسى أو عبد من عباد الله .. والقول الثالث قال به جماعة من العلماء كما حدثنا أحمد بن محمد بن نافع قال حدثنا سلمة قال حدثنا عبد الرزاق قال حدثنا معمر عن قتادة ( وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَ ) (١) قال المشركات من غير نساء أهل الكتاب .. وقد تزوج حذيفة يهودية أو نصرانية قرأ عليّ أحمد بن محمد بن الحجاج عن يحيى بن سليمان قال حدثنا وكيع قال حدثنا سفيان قال حدثنا حماد قال سألت سعيد بن جبير عن قول الله عز وجل ( وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَ ) (١) قال هم أهل الأوثان [ قال أبو جعفر ] وهذا أحد قولي الشافعي أن تكون الآية عامة يراد بها الخاصة فتكون المشركات هاهنا أهل الأوثان والمجوس .. فأما من قال انها ناسخة للتي في المائدة وزعم أنه لا يجوز نكاح نساء أهل الكتاب فقول خارج عن قول الجماعة الذين تقوم بهم الحجة لأنه قال بتحليل نكاح نساء أهل الكتاب من الصحابة والتابعين جماعة منهم عثمان وطلحة وابن عباس وجابر وحذيفة ومن التابعين سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وطاوس وعكرمة والشعبي والضحاك وفقهاء الأمصار عليه وأيضا فيمتنع أن تكون هذه الآية من سورة البقرة ناسخة الآية التي في سورة المائدة لأن البقرة من أول ما نزل بالمدينة والمائدة من آخر ما نزل وإنما الآخر ينسخ الأول .. وأما حديث ابن عمر فلا حجة فيه لأن ابن عمر كان رجلا متوقفا فلما سمع الآيتين بواحدة التحليل وفي الأخرى التحريم ولم يبلغه النسخ توقف ولم يوجد عنه ذكر النسخ وإنما تؤل عليه وليس يوجد الناسخ والمنسوخ بالتأويل .. وأبين ما في هذه الآية أن تكون منسوخة على قول من قال ذلك من العلماء وهو أحد قولي الشافعي وذلك أن الآية اذا كانت عامة لم تحمل على الخصوص الا بدليل قاطع فإن قال قائل فقد قال قوم من العلماء أنه لا يقال لأهل الكتاب مشركون وإنما المشرك من عبد وثنا مع الله تعالى الله عن ذلك فأشرك به [ قال أبو
__________________
(١) سورة : البقرة ، الآية : ٢٢١