وقال عليهالسلام : « أتأمرونِّي أن أطلب النصر بالجور فيمن وُليِّتُ عليه! والله لاأطور به ما سَمَرَ سَميرٌ (١)، وما أمَّ نجمٌ في السماء نجماً! لو كان المال لي لسوِّيت بينهم، فكيف وإنَّما المال مال الله؟! » (٢).
وكان ذلك أبلغ وأروع خطاب يهزُّ المشاعر، فهنيئاً لمن عاش في ظل النبوَّة والإمامة الحقَّة!
ثُمَّ بعث أمير المؤمنين عليهالسلام إلىٰ طلحة والزبير، يعاتبهما علىٰ ما فعلاه من الصدِّ والإكراه، فقال ـ بعدما ذكَّرهما ببيعتهما له، وهو كاره ـ : « ما دعاكما بعد إلىٰ ما أرىٰ؟ ما الذي كرهتما من أمري حتىٰ رأيتما خلافي؟! ».
قالا : أعطيناك بيعتنا، علىٰ أن لا تقضي الأُمور ولا تقطعها دوننا، وأن تستشيرنا في كلِّ أمرٍ ولا تستبدَّ بذلك علينا.. إنَّك جعلت حقَّنا كحقِّ غيرنا ما قد علمت، فأنت تقسم القَسْم وتقطع الأمر، وتُمضي الحكم بغير مشاورتنا ولا علمنا.
فقال : « فوالله ما كانت لي في الخلافة رغبة، ولكنكم دعوتموني إليها، وجعلتموني عيها فخفت أن اردّكم فتختلف الأمة، فلمّا أفضتْ إليَّ نظرتُ إلىٰ كتاب الله وسنّة رسوله فأمضيت ما دّلاني عليه واتبعته ولم احتج في ذلك إلى آرائكما فيه، ولا رأي غيركما، ولو وقع حكم ليس في كتاب الله بيانه ولافي السنّة برهانه، واحتيج إلىٰ المشاورة فيه لشاورتكما فيه. وأما القسم والأُسوة، فإن ذلك أمر لم أحكم فيه باديء بدء، قد وجدت أنا وأنتما رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
_______________________
١) أي لا اُقاربه هدىٰ الدهر.
٢) نهج البلاغة، الخطبة : ١٢٦.