وأمَّا
قولك : فإنَّ قريشاً اختارت ، فإنَّ الله تعالى يقول : ( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ) وقد علمت يا أمير المؤمنين أنَّ الله اختار من خلقِه لذلك مَنْ اختار ، فلو نظرت قريش من حيث نظر الله لها لوفِّقت وأصابت .
ثُمَّ
قال : وأمير المؤمنين يعلم صاحب الحقِّ من هو ، ألم تحتجَّ العرب علىٰ العجم بحقِّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، واحتجَّت قريش علىٰ
سائر العرب بحقِّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ؟ ! فنحن أحقُّ
برسول الله من سائر قريش .
وأمثال
ذلك من الأعذار التي كان يلتمس منها ابن الخطَّاب سبباً يبرِّر موقفهم من الإمام عليٍّ عليهالسلام ، وهي كثيرة يطول
بذكرها المقام ، وقد عدَّها سبباً في إقصاء الإمام عليٍّ من الخلافة .
وبعد
مدَّةٍ وجيزة واصل عمر حروب الفتوح ، فبعث المثنىٰ بن حارثة الشيباني في مواصلة تلك الحروب في نواحي العراق ، فهزمهم الفرس ففرُّوا إلىٰ الأطراف ، فوقف عمر من أمره حائراً ، وأخذ يستشير الصحابة في أن يخرج هو بنفسه في مواصلة الحرب . .
ولمَّا
استشار عليَّاً عليهالسلام نهاه عن الخروج
قائلاً : «
نحن علىٰ موعدٍ من الله ، والله منجزُ وعده ، وناصر جنده ، ومكان القيِّم بالأمر مكانُ النظَام من الخرز ، يجمعه ويضمُّه ، فإذا انقطع النظام تفرَّق الخرز وذهب ، ثُمَّ لم يجتمع بحذافيره أبداً ، والعرب اليوم ، وإن كانوا قليلاً ، فهم كثيرون بالإسلام ،
_______________________