الرابعة ( كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى ) (١).
« من » للبيان والطيّب الحلال وفيه دلالة على إباحة التكسّب وطلب الرزق وأن لا يشتمل على الطغيان إمّا بتجاوز الحدود الشرعيّة في جهات التكسّب وإمّا في حالات المكتسب بعد حصول المال له ، من منع الفقراء حقوقهم والتكبّر عليهم واستشعار الفخر والتجبّر كما قال الله تعالى « إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى » (٢) وقرئ يحلّ بضمّ الحاء أي ينزل وبكسرها من الحلال أي الحلال العقليّ وقيل : بمعنى الوجوب من قولهم حلّ الدّين أي وجب أداؤه و « هوى » أي سقط والمراد لازم السقوط وهو الهلاك.
الخامسة ( وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً فَأَنْبَتْنا بِهِ جَنّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ رِزْقاً لِلْعِبادِ وَأَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ الْخُرُوجُ ) (٣).
« مُبارَكاً » كثير المنافع « وَحَبَّ الْحَصِيدِ » من باب إضافة الموصوف إلى صفته كبقلة الحمقاء والمراد به الحنطة والشعير وما شابههما من [ الخضراوات ] المحصودات « باسِقاتٍ » أي طوالا وقيل : حوامل من قولهم بسقت الشاة إذا حملت والنضيد بمعنى المنضود أي بعضه فوق بعض و « رِزْقاً » منصوب على المفعول له وهو علّة لأنبتنا أو مصدر والبلدة الميتة أي المجدبة وفي الآية دلالة على أنه خلق هذه الأشياء لأجل انتفاع العباد بها بسائر وجوه الانتفاعات فتكون مباحة لهم إلّا ما ورد النهي عن استعماله.
السادسة ( هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَكُلُوا
__________________
(١) طه : ٨١.
(٢) العلق : ٦.
(٣) ق : ١١.