بقي مرداس متّكلا على إسلامه فلمّا رأى الخيل ألجأ غنمه إلى عاقول من الجبل وصعد فلمّا تلاحقوا وكبّروا كبّر ونزل وقالت لا إله إلّا الله محمّد رسول الله السلام عليكم فقتله أسامة بن زيد واستاق غنمه فأخبروا رسول الله صلىاللهعليهوآله بذلك فوجد وجدا شديدا وقال قتلتموه إرادة ما معه فنزلت وقيل كان أمير السريّة المقداد وقرأ حمزة وابن عامر « السلم » بغير الألف والباقون « السلام » بالألف ومعناهما واحد قوله « لَسْتَ مُؤْمِناً » أي لست مصدّقا بالإسلام عن قصد وإنّما قلتها خوفا [ من القتل ] « كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ » أي كنتم كفّارا فلمّا أظهرتم الإسلام قبل منكم وقيل كنتم مستخفين بالإسلام خوفا على أنفسكم كذلك مرداس « فَتَبَيَّنُوا » أعادها للتأكيد وقرأ الكسائيّ « فتثبّتوا » بالثاء المنقّطة ثلاثا والباقون بالتاء فوقها نقطتان وهنا فوائد :
١ ـ أنّ كلمة الإسلام تحقن الدّم والمال على أيّ حال حصلت.
٢ ـ أنّ أسامة بن زيد لم يخرج بتلك الفعلة عن الايمان لمخاطبته به وأنّه لم يقتله إلّا طمعا في ماله لا غير لا لله تعالى ولا إنكارا لإيمانه.
٣ ـ روى ابن عبّاس أنّه لمّا نزلت هذه الآية حلف أسامة أنّه لا يقتل رجلا يقول لا إله إلّا الله وبهذا اعتذر إلى عليّ عليهالسلام لمّا تخلّف عنه ، وهو عذر غير مقبول لأنّه قام الدليل على وجوب إطاعته في محاربة من حاربه من البغاة خصوصا وقد سمع النبيّ صلىاللهعليهوآله يقول « يا عليّ حربك حربي وسلمك سلمي » (١) ولكن كرم
__________________
الحرقة قتله أسامة بن زيد وذكر هشام بن الكلبي ان النبي صلىاللهعليهوآله بعثه إلى فدك فاستشهد دون فدك –
قال ابن حجر : قلت المبعوث الى فدك غيره واسمه أيضا غالب لكن : ابن فضالة الكناني.
وقد قيل في نزولها أقوال وروى فيها روايات راجع الدر المنثور ج ٢ ص ١٩٩ ، مجمع البيان ج ٣ ص ٩٥.
(١) راجع مجمع البيان ج ٣ ص ٩٥ ، إحقاق الحق ج ٤ ص ٤٨٣ ، الطبعة الحديثة.