ولذلك قال الشافعيّ أنّها بالمال فأوجب الاستنابة على الزمن المقعد إذا وجد اجرة من ينوبه وقال مالك إنّها بالبدن فيجب عنده على من قدر على المشي والتكسّب في الطريق وقال أبو حنيفة إنّها بمجموع الأمرين فلم يوجب إلّا على من قدر على الزاد والراحلة ونفقة الذهاب والإياب فاضلا عن حوائجه الأصليّة ونفقة عياله إلى حين عوده وبذلك قال أصحابنا الإماميّة غير أنّ بعضهم يشترط مع ذلك الرجوع إلى كفاية من مال أو صناعة أو حرفة ويحتجّ على ذلك بما رواه أبو الربيع الشاميّ (١) « عن الصادق عليهالسلام أنّه سئل ما الاستطاعة؟ فقال ما يقول هؤلاء؟ فقيل يقولون الزاد والراحلة فقال عليهالسلام قد قيل ذلك لأبي جعفر عليهالسلام فقال هلك الناس إذن إذا كان من له زاد وراحلة لا يملك غيرهما ممّا يمون به عياله ويستغني عن الناس يجب عليه الحجّ ثمّ يرجع فيسأل الناس بكفّه فقد هلك إذن ، فقيل له ما السبيل عندك يا ابن رسول الله فقال : السعة في المال وهو أن يكون له ما يحجّ ببعضه ويبقى بعضه يمون به عياله ثمّ قال أليس قد فرض الله الزكاة فلم يجعل إلّا على من ملك مائتي درهم ».
__________________
(١) رواه المشايخ الثلاثة تراه في الوسائل ب ٩ من أبواب وجوب الحج ، ح ١ وأبو الربيع الشامي هو خالد بن أوفى أو خليد بن أوفى قال العلامة البهبهاني قدسسره في حواشيه الرجالية على منهج المقال ص ١٢٨ عند ترجمة خالد بن أوفى : الظاهر أنه خليد مصغر خالد فإنهم ربّما كانوا يصغرون كما في عثمان وسالم وعباس ونظائرها ويقولون عثيم وسليم وعبيس الى غير ذلك ، وربما كان في بعض المواد تصغيرهم أكثر وأشهر ، ولعل ما نحن فيه منه ، ثم قال وقال جدي بعد حكمه بالاتحاد : وكان يسمى بهما أو كان الاسم خالد فاشتهر بخليد نبزا في الألقاب وهو كثير في العرب.
ثم ذكر قدسسره في حاشيته عند ترجمة ابى الربيع في الكنى ص ٣٨٩ من منهج المقال : وحكم خالي بحسنه وفي باب حب الرئاسة حديث يدل على تشيعه ويستفاد ذم بالنسبة إليه انتهى ما أفاده البهبهاني قدسسره والراوي عن ابى الربيع هو خالد ابن جرير ، ويستفاد من الكشي حسنه انظر ص ٢٩٥ طبعة النجف وان استشكل عليه الشهيد الثاني قدسسره ، الا أن الراوي عنه هذه الرواية الحسن بن محبوب وهو من أصحاب الإجماع.